خلال حفل تخريج المشاركين في برنامج "السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي"
باحثون وباحثات شباب يعرضون أوراق تحليل سياسات ووضع
البيرة – خاص: اختتم المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) برنامجه التدريبي في مجال "إعداد السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي"، الذي نفذه بالتعاون مع مؤسسة "هينريش بول"الألمانية، في مقر المركز بمدينة البيرة، بحضور عشرات الباحثين والمهتمين.
وقال هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، خلال حفل التخريج، إنه تمّ تصميم وتنفيذ هذا البرنامج بهدف تدريب مجموعة من الباحثين/ات على مهارات تحليل وإعداد السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي، ووضع خطط عمل إستراتيجية تتعامل مع قضايا مختلفة وترويجها. وبيّن أن من شأن ذلك أن يساهم في تعويض النقص في توفر مهارات وقدرات بحثية، خصوصًا في أوساط الجيل الشاب من الجنسين، فهذا البرنامج ينقل الباحث من مستوى البحث الأكاديمي والخاص بالتشخيص والتوثيق والفهم إلى إطار البحث "التطبيقي"القائم على التخطيط ووضع برامج العمل التنفيذية.
وأشار المصري إلى أن هذا البرنامج يعد الأول من نوعه في فلسطين، لا سيّما من حيث تقديم مفهوم السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي للباحثين/ات، وفكرة التخطيط الجماعي. وتعرّف المتدربون على نماذج مراكز عالمية متخصصة في السياسات العامة، وعمليات ومراحل تطوير سياسة عامة، فضلًا عن تحليلها وتقييمها، الأمر الذي يساعد على تطوير ثقافة التخطيط والتفكير الإستراتيجيين بدل حالة العشوائية والارتجال التي تهيمن على قطاعات واسعة من أوجه العمل الفلسطيني، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
وأوضح د. أحمد جميل عزم، مدير البرنامج، أن الدورة التدريبية تضمنت أكثر من خمسة وثلاثين يومًا تدريبيًا، بواقع يوم واحد في الأسبوع، فضلا عن تطبيقات عملية على المادة التدريبية كانت تجري أثناء أيام الأسبوع، بما يتخلله ذلك من تواصل ولقاءات، ثنائية أو على شكل مجموعات بين المدربين والمتدربين.
وبين أن البرنامج هدف إلى إعداد وتأهيل عدد من الباحثين الشباب من الجنسين، ممن تقدموا للدورة بناء على إعلان جرى نشره في الصحافة، وعبر المؤسسات الأكاديمية والبحثية، وقد جرى اختيار عشرين متدربًا ومتدربة، من أصل نحو مائة شخص تقدموا بطلب الاشتراك في الدورة، وجرى الاختيار بين المتقدمين على أسس تضمن وجود القدرات المطلوبة، فضلًا على التنوع في التخصصات والاهتمامات.
وأضاف أن البرنامج تضمن 180 ساعة تدريبية، وشمل تنفيذ ثماني وحدات تدريبية، تشمل: ضبط المصطلحات، والتعامل مع المصادر، وتحليل الجمهور، وتحليل الموقف، وصنع وتحليل السياسات العامة، إضافة إلى مهارات التفكير الإستراتيجي وتقنيات التخطيط المستقبلي وآليات بناء السيناريوهات، وتسويق أوراق السياسات العامة وإيصالها لصانع القرار/الحدث، ومشروع تخرج يقدمه المتدربون/ات في نهاية البرنامج يتضمن إعدادهم مجموعة من أوراق السياسات وتقدير الموقف وتحليل الوضع والتقارير الإستراتيجية.
وأثنت بيتينا ماركس، مديرة مؤسسة هينريش بول الألمانية في فلسطين والأردن، على هذا البرنامج، مشيدة ببرنامج التعاون المشترك مع مركز مسارات. وأعربت عن سعادتها بتخريج باحثين وباحثات قادرين على تحليل السياسات في ضوء خصوصيات الحالة الفلسطينية واكتساب مهارات التفكير الإستراتيجي، وبما يلبي احتياجات المؤسسات الأكاديمية والبحثية ومراكز التفكير الإستراتيجي الفلسطيني.
وأشاد أحمد أسعد الذي ألقى كلمة الخريجين بهذا البرنامج، وأوضح أنه فتح مساحة للحوار الأكاديمي والسياسياتي حول أهمية التفكير الإستراتيجي ومنهجيات علم الاستشراف في الحالة الفلسطينية، وأنه وضّح الفرق بين البحث الأكاديمي والبحث السياساتي، ووظيفة كل منهما وغاياته.
وبيّن أن البرنامج أسهم أو قد يسهم في دمج الباحثين الفلسطينين غير الرسميين، في عبء ومهمة التفكير الإستراتيجي الفلسطيني الجمعي، وفي التحول من حالة التفكير الأيديولوجي إلى حالة التفكير الإستراتيجي المنهجي، لا سيما أنه لامس الخصوصية الفلسطينية وشرطها الاستعماري، وأصّل لبناء ثقافة فلسطينية مستقبلية.
عروض أوراق تحليل الوضع
وتضمن برنامج حفل التخريج تقديم عروض موجزة لنتاجات المتدربين والمتدربات من أوراق تحليل الوضع والسياسات، حيث عرض أشرف عكة ورقة تحليل وضع بعنوان "الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية ... العقبات والفرص". وبينت الورقة أن التحديات التي واجهها الإطار القيادي كانت بالضرورة مرتبطة بعدم تفهم الأطراف لحاجات بعضها وأولوياتها وهامش حركتها وأفعالها السياسية والكفاحية، فبينما أرادت حركة فتح وقيادة منظمة التحرير فرض رؤيتها وأجندتها، حاولت "حماس"فرض أسلوبها الخاص على ساحة العمل السياسي والميداني، ما جعل الإطار مرتهنًا لتلك المرحلة بكل ما لها وما عليها من تجاذبات وإخفاقات لكل الأطراف.
وأشارت الورقة إلى أن تفعيل الإطار القيادي والشراكة السياسية يحتاج إلى تنازلات جوهرية سياسية وبرامجية وشخصية، وهو غير وارد حتى اللحظة في سلوك الأطراف، وأن استحضار الإطار كآلية وطنية للحوار والمشاركة يستدعي توسيع التمثيل الفصائلي والقطاعي والنقابي والمؤسساتي والتخصصي والجغرافي، إضافة إلى توسيع وتطوير في أدوار ووظائف الإطار القيادي وعدم حصرها بملفات المصالحة.
وقدم أحمد الزعتري ورقة بعنوان "دور المستقلين في الحركة الوطنية الفلسطينية"، خلصت إلى أن بروز قيادة جديدة ليس مسألة طوعية بقدر ما هو عملية إفراز منبثقة من حالة الوعي السياسي والشعبي على مستوى المجتمع الفلسطيني، ويبرز في هذا المجال ملاحظة بأن جميع الحركات للقوى المستقلة لم تتمكن حتى الآن من امتلاك زمام المبادرة، إذ اقتصرت الفعاليات على الرد على واقع قصير الأمد، وليس على صياغة إستراتيجية تتحرك بشكل مدروس وتتسم بالتواصل.
وأضافت الورقة أن الحركة الوطنية الفلسطينية انتقلت برمتها إلى موقع ردة الفعل ومحاولة الاستجابة لعدد يكاد يكون غير متناه من القضايا التي يخلقها الاحتلال ودولته، إلى جانب الوقائع الجديدة في العالم العربي، وبالتالي فإن ضعف وتفكك القوى المستقلة يحول دون قدرتها على امتلاك زمام المبادرة وطرح برنامج يتسم بالشمولية.
وطرحت ورقة أشرف بدر "حركة المقاطعة العالمية (BDS) بين التهويل والتهوين"أربعة سيناريوهات مستقبلية للمقاطعة، وهي: سيناريو مقاطعة الأفراد ومنظمات المجتمع المدني لمنتجات المستوطنات بعد وسم منتجاتها، وهو ما يمكن أن نطلق عليه سيناريو الوضع الحالي؛ سيناريو المقاطعة الرسمية لمنتجات المستوطنات بقرار من الاتحاد الأوروبي، وهذا السيناريو في حال تحققه سيسبب ضررًا ضئيلًا للاقتصاد الإسرائيلي. بينما يقوم السيناريو الثالث على إبطال اتفاق الإعفاء الجمركي بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وفي حال تحقق هذا السيناريو، فسيتسبب بخسارة تقدر بنحو 1.2 مليار دولار سنويًا من الصادرات الإسرائيلية؛ وأخيرًا السيناريو الرابع الذي يتم بموجبه فرض عقوبات دولية ومقاطعة على إسرائيل، هذا السيناريو تطلق عليه إسرائيل تسمية سيناريو الرعب، لأن حصوله سيتسبب في خسائر كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي عبر تراجع التصدير ووقف استثمارات الشركات في إسرائيل.
وتناولت ورقة ريما شبيطة "الحركة النسوية الفلسطينية"، إذ بينت أن العمل النسوي الفلسطيني بدأ منذ مراحل مبكرة، ولا شك أن لهذا العمل تأثيرًا منذ بداية تأسسه، وإن كان هذا التأثير، في معظم الأحيان، يركز على فئات محددة، وتقديم خدمات محددة، ولم ينجح في خلق حالة مجتمعية قابلة لتحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين.
وأشارت الورقة إلى أن سيادة خطاب الدولة، والتمكين لدى مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسة الرسمية، أدى في العديد من الأحيان إلى نتائج عكسية، حيث نرى الورطة الحقيقية التي تواجهها المراكز والمؤسسات النسوية بشكل خاص، والمستوى السياسي الفلسطيني بشكل عام، عند الحديث عن تمكين سياسي واقتصادي بالمفهوم الليبرالي التنموي حسب خطاب الممولين، وتأثر النسويات بذلك الخطاب، حيث تم العمل بناء عليه في معظم الخطط الوطنية الفلسطينية، وعدم نجاحه في معظم الأحيان، لعدم ارتباطه بالواقع الفلسطيني المحتل.
وطرحت ورقة تحليل الوضع الأخيرة التى أعدها حمدي حسين بعنوان "الحركة الوطنية الفلسطينية في مخيمات الشتات"، بعضًا من الحلول التي يمكن أن تغير من حياة اللاجئين على المديين القريب والمتوسط، عبر الاهتمام بتطوير دور اللجان الشعبية في المخيمات لتصبح هيئات تمثيلية وأداة نضالية من أجل حقوق اللاجئين ومصالحهم، وتوحيد مكونات الحركة الوطنية على أسس تمثيلية وديمقراطية، تشمل مشاركة وتمثيلًا من قبل اللاجئين لإشراكهم في صنع القرار فيما يخص مخيماتهم، إضافة إلى العمل على إنهاء الخلافات داخل الساحة الفلسطينية بشكل عام، وإنهاء الانقسام الفلسطيني، ومن ثم إجراء انتخابات جديدة للمجلس الوطني وإعادة إصلاحه كمدخل لإصلاح منظمة التحرير.
عروض أوراق تحليل سياسات
تضمن البرنامج تقديم ثلاث أوراق تحليل سياسات أعدها المتدربون/ات على شكل مجموعات، وتناولت موضوعات تتعلق بالشأن الفلسطيني وتحليل الوضع الراهن، قبل توقع سيناريوهات واقتراح بدائل وتقييمها والمفاضلة بينها.
ورقة "المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية"
إعداد: أشرف بدر، أحمد الزعتري، حمدي حسين، سجى الطرمان، محمد عبد الغفور
هدفت هذه الورقة إلى تقديم بدائل سياساتية من شأنها أن تساعد في الوصول إلى نتائج ملموسة في عملية المفاوضات، وإلى تسليط الضوء على الإشكاليات والأسباب التي أدت إلى فشل المفاوضات، وعدم التوصل إلى النتائج المرجوة منها، معتمدة على منهجية الوصف والتحليل لمؤشرات الواقع.
وبينت أنه على الرغم من مرور ما يقارب خمسة وعشرين عامًا على انطلاق "عملية السلام"، وتأمل الشعب الفلسطيني بأنّ تقود المفاوضات إلى إنهاء الاحتلال؛ فإنّها لم تثمر في حلّ القضايا العالقة، بل زاد وضع الفلسطينيين سوءًا من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حيث زادت البطالة، وانتشرت الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وتكثف الاستيطان في الضفة، ومن هنا يأتي سؤال الورقة: هل المفاوضات هي الطريق الأفضل للوصول إلى نتائج مثمرة؟ وإن كانت كذلك، فما هي الأساليب والأدوات المناسبة للوصول إلى نتائج مرضية؟
ورقة "البرنامج الوطني الفلسطيني: سياقات ومآلات.. فرص وتحديات"
إعداد: أشرف عكة، برهان دويكات، علي أزعر
هدفت إلى البحث في العوامل والأسباب الذاتية والموضوعية الإقليمية والدولية، وتأثيرها على إمكانية بلورة برنامج وطني لعموم الشعب الفلسطيني وقواه السياسية، إضافة إلى البحث في أهداف وتوجهات برنامجي منظمة التحرير وحركة حماس، وهل يصلح ما عرف بالبرنامج المرحلي لمنظمة التحرير في العام 1974 (برنامج النقاط العشرة)، وما تلاه من وثيقة إعلان الاستقلال ومرتكزاتها التي عرفت بثوابت الحد الأدنى (برنامج العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة على حدود الرابع من حزيران 1976 وعاصمتها القدس) لصياغة مشروع وطني موحد لعموم الشعب الفلسطيني، أم نحتاج إلى تغيير في المرتكزات والأسس والحوامل لكلا البرنامجين، بما يؤسس لحالة فلسطينية قادرة على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وتشكل بهذا طاردًا للعامل الإقليمي والدولي بعيدًا عن الحالة الفلسطينية، أم ستكون الحالة نفسها رهينة لهذا العامل، بما يمثله من استقطاب وأولويات وأجندات ومصالح وتحالفات؟
ورقة "البطالة في فلسطين"
إعداد: أروى أبو هشهش، أحمد أسعد، عايدة حجار، منار النتشة، سرين أبو عطوان، علا التميمي، ريما شبيطة
طرحت الورقة هدف تقليل نسبة البطالة إلى 10% حتى العام 2024، حيث أن هذه النسبة وما دونها، يستطيع معها الاقتصاد تحقيق تنمية، والتقليل من المخاطر والمشكلات التي تصاحب البطالة. كما أن الوصول إلى نسب أقل من ذلك، بحاجة إلى قدرات ونمط اقتصادي متقدم، لا تتمتع به الحالة الفلسطينية التي تصنف ضمن الدول النامية.
وبينت الورقة أن الأسباب الرئيسية للبطالة في فلسطين تتمثل بالآتي: سياسات الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، وبنية الاقتصاد والسياسات الاقتصادية الحكومية، وبيئة العمل، ووجود اختلال في بنية الاقتصاد الموجود وبين سوق العمل، إضافة إلى ضعف القطاع الخاص ووقوع الانقسام الداخلي.
وفي نهاية الحفل، تم توزيع الشهادات على المتدربين وطاقم الإشراف، وتوزيع جوائز مسابقة أفضل ثلاث أوراق تحليل وضع، كانت من ضمن ست أوراق عُرضت كلها على محكمين، وقد فاز بالمركز الأول أشرف بدر، وفي المركز الثاني ريما شبيطة، وفي المركز الثالث حمدي حسين، وقدم لهم مركز مسارات مكافآت رمزية.