Quantcast
Channel: المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية - مسارات
Viewing all 878 articles
Browse latest View live

سياق الموجة الانتفاضية وآفاقها

$
0
0
الثلاثاء, 3 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

ملخّص

ثمّة مفارقة تتعلق بتركيز النخب السياسية والأكاديمية على التباين في توصيف اللحظة الراهنة في الفعل الشعبي المقاوم، ما بين هبة شعبية، أو موجة انتفاضية، أو انتفاضة، بدلًا من التركيز على أسباب نشوء هذا التباين أساسا؛ أي وجوب الانشغال بالإجابة عن السؤال الآتي: لماذا يقف الفكر السياسي الفلسطيني مرتبكًا أمام تحليل وتوصيف حالة شعبية ملموسة دخلت شهرها الثاني؟

تحاول هذه الورقة أن تقدم في أحد جوانبها إجابة عن هذا السؤال، وتحاجج بأن أدوات التحليل التي أنتجها الفكر السياسي التقليدي، بما أفرزه من هياكل سياسية وتنظيمية ومؤسساتية، وممارسة سياسية، ضمن منظومة علاقات قوة وسيطرة استعمارية رسختها مرحلة "أوسلو"، لم تعد تصلح لتفسير سياق واتجاه الفعل المقاوم الذي يتصدره اليوم جيل شاب يعمل خارج إطار هذه المنظومة، بل وبالتمرد عليها.

لتحميل الورقة أو قراءتها ... اضغط/ي هنا

في سياق كهذا، تنطلق الورقة من حقيقة كون الهبة الشعبية موجة أعلى ضمن سلسلة من الموجات قد تتكسر حينا، وتشتد حينا آخر، لكنها تتواصل في مسار تصاعدي حتى تتحول عند لحظة ما إلى ما يشبه "تسونامي"؛ أي إلى حدث مؤسس في الوعي الجمعي لمكانة القضية الفلسطينية بصفتها قضية تحرر وطني، وللحاجة إلى تجديد الهياكل والأطر الوطنية والمؤسساتية القادرة على شق مسار كفاحي جديد.

لكن استدامة وتصاعد هذا الفعل المقاوم إلى مستوى انتفاضة شعبية شاملة يتطلب توفر مقومات عدة للتغلب على تحديات صعبة، معظمها يتعلق بظروف الصراع وطبيعته مع منظومة السيطرة الاستعمارية العنصرية، لكن بعضها الآخر يتعلق بالوضع الفلسطيني الداخلي، ومحاولات استثمار الموجة الانتفاضية لتحسين شروط إعادة إنتاج مسار التفاوض الثنائي ذاته، حتى ولو جرى التمويه عليه بمظلة دولية شكلية.

 

أشكال عمل جديدة

"الشعب يتحرك بدون قيادة" .. كان هذا التعليق الأكثر تكثيفًا ورواجًا لوصف "عفوية"الهبة الشعبية التي اندلعت دون قرار وطني مسبق، بل وفي غياب القيادة الفلسطينية عن المشهد، لا سيّما أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اجتمعت مرة يتيمة في اليوم السادس للموجة الانتفاضية.  وهو تعبير عن واقع الحال المتسم بافتراق بين السياسة الرسمية وسياق الموجة الانتفاضية، وكذلك بين الفعل الشعبي المقاوم وقصور الفصائل عن قيادة هذا الفعل وتوجيهه، حتى بات كثيرون يردون على الجهود الدولية الرامية للتهدئة، أي إخماد الموجة الانتفاضية، بالإقرار بأن القول الفصل للميدان.

يمكن تفسير جانب من هذا المشهد باتساع الفجوة ما بين حراك رسمي يسعى لتحسين شروط الوضع القائم عبر مفاوضات ثنائية أو تحت مظلة دولية شكلية، ولكن تحت سقف العلاقات الاستعمارية التي يكرسها "اتفاق أوسلو"، وما يترتب عليها بشأن بنية السلطة ودورها ووظائفها، بمؤسساتها المدنية والأمنية، وحراك شعبي يسعى لتغيير الوضع القائم بالخروج من علاقات السيطرة الاستعمارية باستخدام أشكال جديدة من الاشتباك مع الاحتلال والمستوطنين تعيد الاعتبار لإطار الصراع التحرري، أي تسعى لاستعادة مكانة القضية الفلسطينية الطبيعية كقضية تحرر وطني.

بتركيز النقاش على هذه الفجوة، يمكن تحليل السياق العام الذي تندرج في إطاره الموجة الانتفاضية الحالية، بصفتها انتقالًا لمرحلة جديدة في سلسلة من الهبات والموجات الكفاحية والحراكات والمبادرات الشبابية، المتتالية منذ سنوات عدة، لا سيّما في مناطق الاشتباك شبه اليومي مع قوات الاحتلال والمستوطنين في القدس وشمال الضفة وجنوبها، إضافة إلى ما تشهده باقي تجمعات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وأراضي 48 والشتات من أشكال ومبادرات متنوعة من المقاومة والصمود والتعبير عن الهوية والحقوق.

تكمن أهمية رؤية السياق الذي أفضى إلى اندلاع الموجة الانتفاضية في تفسير ما يعتبره البعض طابعًا "مفاجئًا"و"عفويًا"، فهي هبة "مفاجئة"ليس من حيث عدم توقع انفجار الغضب الشعبي، بل عدم التكهن بلحظة حدوثه، و"عفوية"من حيث الغياب المسبق لعنصري التخطيط والتنظيم، وليس بمعنى  أنها بلا أب أو أم، إذ إنها وليد جديد لأشكال من العمل الشعبي أخفقت المنظومة التقليدية للعمل السياسي الرسمي والحزبي في قراءة دلالاتها وصيرورتها وتأثيراتها.  أي أنها ليست معزولة عن منظومات وأشكال من التعبير السياسي والفعل الشعبي الآخذ بالتشكل والتطور منذ سنوات عدة خارج إطار الممارسة السياسية السلطوية والحزبية التقليدية.

لقد شهدت التجمعات الفلسطينية في الوطن والشتات، لا سيما منذ توقيع "اتفاق أوسلو"وإنشاء السلطة، مرورًا بالمتغيرات العربية في العام 2011 وسقوط الرئيسين المصري محمد حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي، سلسلة من الفعاليات والمبادرات المتتالية عكست بداية تطور أشكال جديدة من التعبير عن الهوية والرأي والعمل السياسي والكفاحي، خارج نطاق منظومة عمل منظمة التحرير والسلطة والفصائل السياسية، التي تآكلت شرعيتها المستمدة من الإرادة الشعبية، وبخاصة مع انقسام السلطة إلى سلطتين في قطاع غزة وبقايا الضفة الغربية، وتنامي الصراعات الداخلية على مراكز القوة والنفوذ.

وقد تصدر جيل الشباب العديد من هذه الفعاليات والمبادرات عبر تعبيرات سياسية وكفاحية واجتماعية وثقافية عديدة، انطلاقًا من برامج عمل تركز على قضايا محددة. ورافق ذلك جدل في أوساط النخب الفكرية والأكاديمية حول أولوية بناء منظومات جديدة للعمل السياسي وفق برامج عمل تتناول قضية وطنية عامة يجمع عليها الفلسطينيون، أو قضايا تخص هذا التجمع الفلسطيني أو ذاك، أم أولوية إعادة إحياء المؤسسات الفلسطينية، وفق منظوماتها المركزية التقليدية في التمثيل والعمل السياسي، وبخاصة على مستوى منظمة التحرير.

في كل الأحوال، جاء جزء من أشكال العمل السياسي الجديدة كاستجابة للإقصاء والتهميش الذي تعرضت له فئات واسعة من الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، على مستويات عدة، في سياق تكيف الفكر السياسي الفلسطيني والمشروع الوطني الذي بلوره والمؤسسات والحركة الوطنية الحاملة له مع متطلبات العمل السياسي ضمن إطار الصراع على أساس "حل الدولتين"، باعتباره حلًا قائمًا على "التفاهم"عبر التفاوض الثنائي مع منظومة السيطرة الاستعمارية على ما يمكن أن ترفع سيطرتها عنه من جغرافيا وموارد وبشر، وفق مبادرة أو هجوم السلام الفلسطيني للعام 1988، كاستثمار سريع للانتفاضة الأولى.

حتى ذلك الحين، كان يمكن المحاججة بشأن حدود وجدوى التحولات في "الواقعية السياسية"المتمادية في الفكر السياسي الفلسطيني وصولًا إلى تبني إطار "حل الدولتين"، لو لم تنطلق من محاولة "التفاهم"مع النظام الاستعماري وصولًا إلى اعتماد المفاوضات وسيلة وحيدة لحل الصراع، بدلًا من تبني مفهوم إقامة الدولة المستقلة من خلال دحر النظام الاستعماري عن أراضي الدولة بوسائل الصراع الرامية؛ لإحداث تعديل في ميزان القوى يسمح بالوصول إلى لحظة التفاوض على إنهاء الاحتلال والاستيطان.

كانت فداحة الثمن الذي قدمه الفلسطينيون تتجاوز حدود الأخطاء السياسية لتبلغ مستوى التنازلات التاريخية، لا سيّما منذ اللحظة التي قررت فيها حركة تحرر وطني الاعتراف بشرعية وجود النظام الاستعماري على أرض وطنها، دون اعترافه في المقابل بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في وطنه، بل وبتحويل أبرز هذه الحقوق إلى قضايا نزاع "مؤجلة"قابلة للتفاوض والمساومة تحت مسمى "قضايا الحل النهائي"، التي طالت اعتبار الأرض قضية نزاع تفاوضي عبر تأجيل قضيتي القدس والمستوطنات، وكذلك الحال لقضية حق عودة اللاجئين.

هذا هو البعد الأكثر كارثية في مسار انتحار "الواقعية السياسية"للفكر السياسي الذي أنتج مسار أوسلو، كما قاد لما نشهده اليوم من إقصاء فئات واسعة من الشعب خارج المناطق المصنفة اليوم (أ)، وتهميش حقوقهم وقضاياهم، بما يشمل اللاجئين في الشتات، والفلسطينيين في أراضي 48، والقدس، وسكان المناطق المصنفة (ج) ممن باتوا أقلية مقابل المستوطنين في ثلثي مساحة الضفة الغربية، وحاضنة مواردها الطبيعية وسلتها الغذائية.

ترافق إقصاء هذه القطاعات الواسعة خارج المعازل المدارة من قبل السلطة، مع إقصاء وتهميش داخلي كرسه تراجع دور منظمة التحرير كإطار للتمثيل الوطني والعمل السياسي والكفاحي، وضعف المشاركة السياسية عمومًا، لا سيّما في دوائر صنع القرار على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واستجابة السلطة للنزعات الليبرالية الجديدة في السياسات التنموية تحت الاحتلال، وتكيف السياسة كقيمة وغاية للعمل الحزبي مع نتائج هذا التراجع، إضافة إلى العزوف عن ممارسة السياسة ضمن منظومات العمل الحزبي، وبخاصة من قبل الشباب، فضلا عن التحولات في عمل وأجندات العديد من مؤسسات المجتمع المدنية، وتراجع دور الاتحادات والنقابات. 

مع كل ذلك، لم يعد مجديًا الحديث عن نظام سياسي فلسطيني موحد ومشروع وطني جامع حتى خلال الفترة التي سبقت الانقسام الداخلي، بعد إقصاء وتهميش حقوق ومصالح قطاعات وفئات واسعة من منظومات عمله.  في المقابل، أصبح التركيز على منظومات من أشكال العمل على قضايا محددة أكثر جدوى من التركيز على بناء المؤسسات التي تشكل الحيز التقليدي لممارسة السياسة من قبل الفصائل.

بمعنى آخر، شهدت السنوات الماضية تطورَ مسارٍ جديدٍ لا يؤمن بإعادة بناء الحركة الوطنية كمدخل لبناء وتطوير برامج العمل، بل يرى أن استقطاب أوسع الفئات من الفاعلين ضمن منظومات من برامج العمل التشاركية هو المدخل لإعادة بناء الحركة الوطنية، من خلال التركيز على شق مسار جديد يبني على ما يجمع الفلسطينيين في الوطن والشتات، أي الحقوق التاريخية والطبيعية للشعب الفلسطيني.

 

يمكن في هذا السياق رصد عدد من أشكال العمل خارج منظومات العمل السياسي التقليدي شكلت نماذج ملهمة لجيل الشباب، من أبرزها:

أولًا: حركة المقاطعة

كانت تجربة الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، التي انطلقت العام 2005 في الذكرى السنوية الأولى لصدور قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بإدانة الجدار الاستعماري والاحتلال الإسرائيلي برمّته، الذي ألقته منظمة التحرير والسلطة خلف الظهر، ومن ثم تشكيل اللجنة الوطنية للمقاطعة كأكبر ائتلاف مجتمع مدني فلسطيني، يشكل مرجعية وقيادة للحركة العالمية للمقاطعة؛ أحد أبرز النماذج الملهمة للشباب من حيث أشكال المقاومة الفعالة، ليس فقط بسبب ما حققته من نتائج على المستوى الدولي في مواجهة وفضح الاحتلال والاستيطان والعنصرية، بل ولاعتماد هذا النموذج أيضًا الكفاح في سبيل ممارسة حق تقرير المصير كحق جمعي للشعب الفلسطيني أينما وجد انطلاقًا من المنهجية المبنية على الحقوق، دون تبني حل سياسي (دولة أو دولتان)، والتركيز على المطالبة بإنهاء اضطهاد إسرائيل للشعب الفلسطيني بمكوناته الثلاثة في الأراضي المحتلة عامي 48 و67 والشتات، استنادًا إلى المواثيق الدولية وحقوق الإنسان.

حتى اليوم لم تتبنَّ منظمة التحرير أو السلطة حركة المقاطعة واكتفتا بدعمها في الخطاب السياسي، مع الحفاظ على مسافة منها، لا سيّما أن حركة المقاطعة تستهدف من حيث الجوهر تفكيك العلاقات الاستعمارية، بينما تظل السلطة ومؤسساتها رهينة لقيود علاقات السيطرة الاستعمارية التي عكسها "اتفاق أوسلو"وملحقاته الاقتصادية والأمنية والمدنية.  وفي حين اكتفت السلطة بتبني سياسة تشجيع مقاطعة منتجات المستوطنات، محليًا ودوليًا، سرعان ما استلهمت عشرات المبادرات الشبابية نموذج حركة المقاطعة الشاملة لإسرائيل، بتنظيم حملات محلية للمقاطعة ومناهضة التطبيع، كما ظهر خلال وما بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف العام 2014.

تشكل حركة المقاطعة اليوم إطارًا واسعًا للعمل خارج منظومات العمل السياسي الرسمي والحزبي، بالرغم من مشاركة ممثلين عن الفصائل فيه، وهو يحظى بالتفاف شعبي فلسطيني وتفهم دولي متزايد لعدالة برنامج عمله في المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات على إسرائيل، انطلاقًا من مقاربة خطاب الحقوق، وتحميل العالم مسؤوليته إزاء إنهاء الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني في مكوناته الثلاثة: الضفة والقطاع، أراضي 48، تجمعات الشتات (اللاجئون).

 

ثانيًا: حركة حق العودة

أما النموذج الآخر، فتمثل في تطوير حركة مدنية شعبية في سبيل تطبيق حق العودة كركن أساسي لممارسة حق تقرير المصير، خلال الفترة التي تلت توقيع "اتفاق أوسلو"، وفي مواجهة مخاطره المحتملة على حق اللاجئين في العودة.  وهي حركة تعتمد برنامج عمل يركز على قضية محددة، وينطلق من خطاب الحقوق أيضا كحال حركة المقاطعة، بالرغم من تشتت جهود العديد من الهيئات واللجان الناشطة في هذا الميدان، وتعثر محاولات دمجها أو إيجاد إطار تنسيقي أعلى يوحد جهودها.

فقد شهدت الفترة منذ العام 1995 انتشارًا واسعًا لهيئات وجمعيّات ولجان الدفاع عن حق العودة في مختلف مواقع الشتات، في الأردن ولبنان وسوريا وأوروبا والأميركيتين، إضافة إلى الضفة والقطاع وأراضي 48، ومنها: مجموعة "عائدون"، مؤتمر العودة في لندن والشتات، لجان اللاجئين وحق العودة، المجموعة 194، المجلس الفلسطيني من أجل العودة (ميثاق)، تجمع العودة الفلسطيني (واجب)، مركز أبناء البلد للدفاع عن حق العودة في سوريا، منظمة ثابت لحق العودة، مركز العودة الفلسطيني في لندن، الكونفدرالية الأوروبية لحق العودة، تحالف حق العودة في بريطانيا، تحالف حق العودة في أميركا الشمالية، إضافة إلى عشرات الهيئات المماثلة في اليونان والدانمارك والسويد وكندا وإسبانيا ومصر والضفة الغربية وقطاع غزة (انظر ملحق فلسطين، جريدة السفير اللبنانية، نيسان 2011).

 

ثالثًا: لجان مواجهة الجدار والاستيطان

ترافق النموذجان السابقان من أشكال التعبير والعمل السياسي التي حافظت على حيوية وعدالة القضية الفلسطينية، وحشد التضامن الدولي لدعمها، مع أشكال عدة من المقاومة الشعبية التي تخوضها لجان مقاومة الجدار والاستيطان عبر فعالياتها في العديد من البلدات والقرى، وتشكيل المجموعات الشبابية التي نشطت في مواجهة الاحتلال وتحدت منظومة سيطرته بالسعي لفرض أمر واقع فلسطيني من خلال مقاومة الاستيطان والجدار وإنشاء قرى على شاكلة "باب الشمس"و"أحفاد يونس"وغيرهما في المناطق المصنفة (ج).

وكما كان حال كل من نموذجي حركتي المقاطعة وحق العودة، اكتفى الخطاب السياسي لمنظمة التحرير والسلطة بدعم المقاومة الشعبية دون اتخاذ إجراءات عملية لتطويرها وتعميمها ضمن إستراتيجية شاملة، باستثناء محاولات لاحتوائها عن طريق "مَأسسة"المقاومة الشعبية للاستيطان والجدار عبر هيئة رسمية تعمل تحت سقف السلطة والتزاماتها، بدلًا من قيادة وطنية موحدة تتشكل من مكونات الحركة الوطنية.

رابعًا: المجموعات الشبابية

مع تفجر الحراكات الشبابية في عدد من البلدان العربية مطلع العام 2011 تحت شعار "الشعب يريد ..."، استلهمت مجموعات شبابية فلسطينية هذا النموذج لفرض الٍارادة الشعبية لتحقيق أهداف محددة.  لكن هذا النموذج لم ينجح في الانتقال من حالة الرفض والاحتجاج إلى مستوى حركة اجتماعية واسعة ذات أهداف وشعارات وتكتيكات ناظمة لبرنامج عمل تلتف حوله مختلف المجموعات الشبابية في الوطن والشتات.

ظل الرفض والاحتجاج والعزوف عن العمل ضمن المؤسسات أو الأطر الحزبية، السمة الأبرز لأشكال العمل التي اتبعتها هذه المجموعات، بالرغم من أن عددًا من مطالبها كان موجهًا إلى المؤسسات والفصائل، وبخاصة إنهاء الانقسام، وإعادة بناء التمثيل الوطني.  أما تلك المجموعات التي طالبت بإنهاء الاحتلال، أو تجسيد حق العودة، كما حدث في مسيرات العودة من لبنان وسوريا والأردن، فلم تستطع تحويل شعاراتها إلى برامج عمل موحدة ومستدامة.

ومع ذلك، كان نشاط هذه المجموعات خارج منظومات العمل السياسي التقليدي بروفة جديدة تعكس تحولات في الوعي، والحاجة إلى تطوير أشكال جديدة من العمل السياسي، ظهر بعضها في تشكيل لجان للعونة والتكافل الاجتماعي مثل "فريق ساند"، أو تنظيم فعاليات داعمة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة في مواجهة ثلاثة حروب دموية شنتها إسرائيل خلال ستة أعوام، وكذلك لنصرة اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك وباقي مخيمات سوريا، إضافة إلى نصرة قضية الأسرى والمضربين عن الطعام في سجون الاحتلال.

كما تطورت أشكال متماثلة من العمل الكفاحي والمبادرات الشبابية في مختلف التجمعات، لا سيّما الضفة والقطاع وأراضي 48 (التصدي لمخططات التهويد والتهجير القسري في القدس وجنوب الضفة الغربية والأغوار والنقب، مثل التصدي لمخطط برافر)، مستفيدة من قدرتها على التواصل والتشبيك عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

جاء تطور هذه الأشكال الكفاحية المتشابهة ردًا على تغول المشروع الاستعماري الاستيطاني العنصري، واندفاعه لتحقيق الأهداف ذاتها من حيث التطهير العرقي والتهجير القسري والمصادرة والاستيطان وهدم المنازل في كل من الضفة الغربية وأراضي 48، عبر إنتاج منظومات من السيطرة والأساليب لتحقيق هذه الأهداف حسب "مكانة"الفلسطيني ضمن هذه المنظومات، سواء كان "مواطنا"في النقب والجليل، أم "مقيما"وفق درجات التصنيف الإسرائيلي للفلسطينيين في القدس، أو في مناطق (ج)، أو خلف الجدار .. إلخ.  لذلك، تطورت أشكال من العمل السياسي والفعاليات التضامنية نابعة من الحاجة إلى مواجهة المشروع الاستعماري في هدفه الناظم المهدد للوجود الفلسطيني على أرض الوطن، وكان طبيعيًا أن تتجاوز بعض أشكال العمل "الخط الأخضر"الذي محاه تقدم المشروع الصهيوني الاستيطاني.

 

وعي الذات وسياق الموجة الانتفاضية

لقد نشأت هذه الأطر والأشكال الجديدة من العمل السياسي والتعبيرات المختلفة للدفاع عن الهوية  والحقوق الوطنية، بما في ذلك وسائل التعبير في الفنون المختلفة والتراث ومجالات الثقافة عمومًا، بسبب، وبالرغم من، تراجع دور منظمة التحرير والحركة الوطنية التقليدية، والافتقار إلى مركز قيادي موحد ومشروع وطني جامع في الوطن والشتات، ومن ثم الانقسام الداخلي كأحد أشكال الاستجابة غير الواعية لنتائج إمعان المشروع الصهيوني الاستعماري في تجزئة الأرض والشعب، وفي تشجيع تفريخ السلطات المحلية المتنازعة على مواقع القوة والنفوذ في المناطق غير الخاضعة للاحتلال العسكري المباشر في قطاع غزة ومعازل الضفة الغربية.

كل ما سبق كان تعبيرًا عن استعادة وعي الجيل الشاب بالشرط الاستعماري الذي نشأ فيه في ظل إخفاقات مرحلة "اتفاق أوسلو"المتواصلة، وصولًا إلى محطات كانت لها انعكاسات مهمة في إعادة الاعتبار للمقاومة كنموذج لتحدي وردع المشروع الاستعماري الاستيطاني.  ومن أهم هذه المحطات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف العام الماضي، الذي شكل حدثًا مُؤسِسًا من حيث الوعي بقدرة الشعب الفلسطيني على الصمود والمقاومة والانتصار.  فعلى المستوى الإستراتيجي، تمثل الإنجاز الأهم للفلسطينيين جرّاء هذا العدوان في إعادة اكتشاف مكامن قوتهم، واستعادة وعيهم بموقع قضيتهم بصفتها قضية تحرر وطني، وتعزيز الوحدة الميدانية والشعبية، وإفشال أهداف العدوان الرئيسية، وحرمان إسرائيل من صورة الانتصار في أطول حروبها منذ تأسيسها.

كان لهذه النماذج تأثيرها في وعي الذات وموقعها ومكامن قوتها في الصراع، إذ شكلت محطات لإحداث انعطافة في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي انعطافة لا تبدو ممكنة مع استمرار القيادة الفلسطينية في المسار ذاته الذي يُبْقي الوضع القائم على حاله.  عند هذه النقطة من افتراق وعي الذات ومكامن قوتها على المستوى الشعبي، لا سيّما لدى جيل الشباب، عن المسار السياسي المرتهن منذ أكثر من عقدين لشروط الاختلال في ميزان القوى لصالح النظام الاستعماري؛ ينشأ التعارض بين القوة المتاحة المهدورة بموجب هذا المسار السياسي، ومعادلة الالتقاء بين القوة المتاحة والقوة الكامنة لدى الشعب، كما تجسدها إرادة المقاومة في سياق الموجة الانتفاضية التي تكسّر جداري الصمت والخوف معًا، وتسعى لإعادة التقاط زمام المبادرة لإحداث تغيير في مسار التحرر الوطني.

إن الموجة الانتفاضية الحالية تعني أن هناك جيلًا يلتقط زمام المبادرة في إعادة صياغة علاقة الشعب مع الاحتلال، باعتبارها علاقة صراع وليس "تفاهم"، دون أن يواصل انتظار تطبيق قرارات المجلس المركزي وتوصيات اللجنة السياسية المنبثقة عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بشأن "إعادة تحديد العلاقة"مع إسرائيل، تحت سقف أوسلو وليس بالخروج منه، ولو تدريجيا.  

واليوم، تجري عملية استعادة المبادرة الكفاحية من خلال الفعل المباشر، بأشكاله التي تتخذ شكل نحر الوعي الاستعماري بالسكين، أو تهشيمه بالدهس، وضرب منظومة أمن المستوطنين وصورة الجيش الذي لا يقهر بالاشتباك المباشر في القدس والخليل، وبالتظاهرات عند الحواجز ونقاط التماس مع قوات الاحتلال والمستوطنين، وعلى بوابات السجون، وتحصينات الاحتلال حول قطاع غزة، وكذلك بالتظاهرات تحت راية علم فلسطين في عدد من المدن والبلدات في أراضي 48. 

وهي تعني أيضًا التمرد على أشكال العمل الرسمي والفصائلي في نطاق المعازل التي تديرها سلطة بدأ الاحتلال منذ العام 2000 في إعادة تحديد العلاقة معها، لتحويلها إلى مجرد وكيل إداري واقتصادي وأمني تحت سقف منظومة السيطرة الاستعمارية، وبصلاحيات تقل عما منحه إياها "اتفاق أوسلو"وملحقاته.  وبهذا المعنى، فإن القلق مما يسمى "الفوضى"أو "فقدان السيطرة"على الموجة الانتفاضية، إنما يعتبر نتيجة لتطور أشكال الفعل المقاوم باتجاه كسر احتكار السلطة والفصائل للسياسة، عبر صيرورة لا تزال في بداياتها لبناء منظومة تشاركية للعمل السياسي تسهم بحد ذاتها في إعادة تصويب الفكر السياسي وبناء الحركة الوطنية.  

لذلك، فإن أدوات التفكير والتحليل التي تنتمي للماضي المحكوم بإطار الصراع الذي قاد إلى إخفاقات العقدين الأخيرين، لن تتمكن من تحليل ظاهرة تنتمي للمستقبل الذي تتبدى إرهاصاته في المثابرة على شق مسار جديد يعيد الاعتبار لإطار الصراع التحرري.  وفي المسافة الفاصلة بين إطار الصراع القائم على مبدأ التسوية المستحيلة مع المشروع الاستعماري الاستيطاني العنصري، وإطار الصراع التحرري في مواجهة هذا المشروع؛ يكمن العجز عن فهم الهبة الشعبية الراهنة كموجة جديدة ضمن سلسلة من الموجات المتعاظمة في تسونامي التغيير القادم.

 

تحديات ومخاطر

عند تحليل السياق الفلسطيني المؤثر في مسار التطورات القادمة، ثمة تحديات ومخاطر تواجه فرص تطور إرهاصات انتقال الفعل الشعبي المقاوم إلى مستوى انتفاضة شاملة، من بينها خطر الاستثمار السياسي السريع للموجة الانتفاضية، الذي لم يعد موضع تكهن، إذ بات الحديث عن جهود ديبلوماسية عربية ودولية لاستئناف المفاوضات كوسيلة لاحتواء "التوتر"المتصاعد، أي إجهاض فرص تحول هذه الهبة الشعبية إلى انتفاضة شاملة في إطار مقاربة إدارة الصراع؛ يتصدر المشهد السياسي المؤطر للحراك الفلسطيني الرسمي.

غير أن استئناف المفاوضات كوسيلة للعودة إلى الوضع القائم قبل الأول من تشرين الأول/أكتوبر، يتطلب عددًا من الإجراءات والخطوات العملية الرامية إلى تهيئة الأجواء لذلك، وهو ما تركز عليه الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي من خلال إيجاد معادلة تتيح لكل من الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الادعاء بأنه لم يتراجع عن مواقفه.  وربما تكون صيغة "مفاوضات من دون مفاوضات"مخرجًا مناسبًا لكل منهما، حيث تحقق المفاوضات "الاستكشافية"لفرص المفاوضات وأسسها ومتطلباتها حول قضايا الحل النهائي مخرجًا للرئيس عباس؛ لترويج تمسكه بشروطه تحت شعار أن المفاوضات الحقيقية لم تبدأ بعد، كما يوفر ذلك مبررات لنتنياهو لترويج الادعاء ذاته أمام الجمهور الإسرائيلي وشركائه في الحكومة، تحت شعار فحص مدى توفر "شريك فلسطيني"يقبل برؤية نتنياهو للحل.

الموقف الفلسطيني الرسمي يريد العنب لا أن يقاتل الناطور، فهو يعتقد أن الموجة الانتفاضية بمنسوبها الحالي تمكن من الحصول على العنب بعيدًا عن تبعات زيادة شقة الخلاف مع الأردن بسبب التفاهمات بشأن المسجد الأقصى المبارك، أو الدخول في مواجهة معلنة مع الإدارة الأميركية، عن طريق تفعيل ديناميكية الحراك الديبلوماسي العربي والدولي لاستعادة الاهتمام بإطار التسوية السياسية على أساس "حل الدولتين"، من خلال عملية تفاوضية ثنائية تحت "مظلة دولية"شبيهة بالأفكار التي تطرحها فرنسا والاتحاد الأوروبي حول توفير "مواكبة دولية"داعمة لمفاوضات ثنائية ضمن أفق زمني محدد.  ومع ذلك، لم يصدر أي موقف رسمي يشير إلى عدم الاستعداد أيضًا للتعامل مع المبادرة النيوزيلندية التي قد تقود إلى الانتقال من "فخ"تفاهمات كيري حول المسجد الأقصى إلى "مستنقع"المفاوضات الثنائية.

لذلك، يبقى الإطار الناظم للموقف الفلسطيني هو تحسين شروط العودة إلى المفاوضات باستمرار اللجوء إلى التهديد اللفظي باتخاذ خطوات يفتقر تنفيذها إلى الإرادة والجدية، أو يتم التفكير بإحالتها إلى لجنة المتابعة العربية المنبثقة عن الجامعة العربية، ما يهدد بإفراغها من مضمونها.  

ومن حيث الخطاب الرسمي، تبدو هذه الخطوات كأنها تنحو باتجاه المجابهة الديبلوماسية من حيث الشكل، وليس الجدوى، أو مدى توفر الإرادة السياسية.  فهي تعيد استنساخ المسار الموصد في مجلس الأمن منذ أربعة أعوام، على الأقل، بفعل الموقف الأميركي، الذي أجهض أي حراك في هذا الاتجاه، بما في ذلك مشروع القرار الفرنسي الهابط أصلًا بشأن استئناف المفاوضات بموجب سقف زمني محدد، وكذلك المشروع الفرنسي الأخير الخاص بتوفير رقابة دولية في الحرم القدسي الشريف.

لكن الأخطر من خطاب التهديد اللفظي، أنه يوفر غطاء لاستمرار التنصل من الاستحقاقات المعبّر عنها في قرارات المجلس المركزي في دورتيه خلال نيسان 2014 وآذار 2015، والانتظار حتى تتوفر ظروف العودة إلى إطار المفاوضات الثنائية، حتى ولو بغطاء دولي شكلي، وفي مقدمة هذه القرارات: تحديد العلاقة مع إسرائيل، وقف التنسيق الأمني مع سلطة الاحتلال في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة، رفض العودة إلى إطار المفاوضات الثنائية.

أما الخطر الأبرز الثاني فيكمن في استمرار الانقسام الداخلي في وقت تقدم فيه الوحدة الميدانية في سياق الموجة الانتفاضية نموذجًا إيجابيًا يسهم في تصويب البوصلة بإعادة الاعتبار للصراع مع الاحتلال والاستيطان، في تناقض مع واقع الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس بشكل خاص، واستمرار الصراع الداخلي على مواقع القوة والنفوذ.

إن إنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية يعتبر شرطًا أساسيًا للتمكن من التوافق على إستراتيجية وطنية شاملة تنطلق من إطار الصراع التحرري، وتفتح الطريق أمام إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير من جهة، وتحديد العلاقة مع دولة الاحتلال بالخروج التدريجي من مسار أوسلو من جهة أخرى، بما في ذلك إعادة النظر في شكل السلطة "الموحدة"ودورها ووظائفها، وليس سلطة بقايا الضفة الغربية فقط.

وقبل كل ذلك، تكمن نقطة البداية في التوافق على القرار الوطني المطلوب في اللحظة الراهنة، وهو توفير كل الدعم للموجة الانتفاضية وتنظيمها وتطويرها، بما يشمل تحديد هدف وشعارات واقعية لها وأشكال النضال الأكثر جدوى، وعدم توظيفها في سياق الصراع والتنافس الفئوي، أو محاولة استثمارها لتحسين شروط استئناف المفاوضات.  وهو ما يتطلب الدعوة الفورية إلى اجتماع الإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير، مع ضمان مشاركة الشباب الذين ينخرطون اليوم في الفعل الشعبي المقاوم، إضافة إلى المرأة، في اجتماعات هذا الإطار.  وسيمكن ذلك من الإقلاع عن محاولات الاحتواء، أو احتكار السياسة، ورفض التسليم بدور اللاعبين الجدد في ميدان الصراع مع الاحتلال، والاستعاضة عن ذلك بالعمل على التقاء الجهود الموحدة للفصائل مع أشكال العمل الجديدة التي يتصدرها الشباب لاستعادة المبادرة الكفاحية من خلال الفعل المباشر.

 

مقومات الانتفاضة الشاملة

لا يعني كسر احتكار بنية الحركة الوطنية التقليدية للسياسة، انتهاء الدور السياسي للفصائل، فهي لا تزال الإطار المنظم لممارسة السياسة، ولديها جمهورها وتتصدر أشكال المقاومة المسلحة، وبخاصة في قطاع غزة، ولها تأثيرها المهيمن على المنظمة والسلطة والاتحادات والنقابات، وبخاصة الحركة الطلابية.

وقد تكون الإرهاصات الحالية في نشوء أشكال وأطر وقيادة جديدة للعمل السياسي والكفاحي شبيهة بفترة نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات عندما شق جيل شاب، بالاستفادة من الظروف والعوامل العربية والدولية المواتية حينذاك، مسارًا جديدًا في الصراع، مكّنَه خلال فترة غير طويلة من إزاحة قيادة ما قبل وبعد النكبة عن مواقع القيادة، وطوَّرَ أشكالَ عمله، وصولًا إلى تنظيمها في كيانات سياسية وتشكيلات مسلحة استمدت شرعيتها من الشعب الذي دان لها بالولاء كقيادة جديدة دون انتخاب.

لا بد من الإقرار بأن ظروف ومقومات مثل هذه العملية غير متوفرة بعد، ولا يزال هناك متسع لاستنهاض دور مكونات الحركة الوطنية التقليدية.  إلا أنه لن يكون ممكنًا إعادة الاعتبار للسياسة عبر شكل ممارستها المنظم والجماهيري من خلال العمل التنظيمي، إلا بتغيير في الأهداف وأساليب العمل والقواعد التي تحكم السياسة ذاتها، للالتقاء عند نقطة ما مع أشكال العمل السياسي والكفاحي الآخذة في التبلور والاتساع خارج المنظومات التقليدية للعمل المؤسساتي والحزبي، باتجاه إعادة صياغة العلاقة مع النظام الاستعماري.  أي العمل وفق مبدأ التشاركية مع جيل الشباب في قيادة وتنظيم وتحديد أهداف وشعارات الموجة الانتفاضية، بعيدًا عن محاولات الاحتكار أو الاحتواء أو التدجين لما بات يصعب تدجينه.

سوف يؤدي ذلك إلى ارتقاء أشكال العمل المنظمة للفصائل إلى مستوى المبادرة الكفاحية التي يلتقط زمامها جيل الشباب، بما يخدم تطوير الهبة الشعبية المتعاظمة إلى مستوى انتفاضة شاملة قادرة على شق مسار كفاحي جديد، قائم على تبني إطار الصراع التحرري.  انتفاضة التحرر من القيود الثقيلة للمرحلة السابقة، إن جاز التعبير.  وبقدر الحاجة إلى الاستفادة من تجارب الانتفاضات السابقة، إلا أنه من الخطأ الاعتقاد بإعادة استنساخ تجربة بعينها، في شروط وظروف وموازين قوى مغايرة.

 

إن شروط تنظيم أي انتفاضة شاملة وتوسيعها واستدامتها تتطلب ما يأتي:

أولًا: على مستوى الهدف والشعارات

يتوجب التوافق على هدف جمعي واقعي قابل للتحقيق، ويشكل ناظمًا لمسار الانتفاضة في التحرر من منظومات السيطرة الاستعمارية، عبر التركيز على هدف إنهاء الاحتلال والاستيطان والعنصرية، وتحديد شعارات عامة تصب في خدمة هذا الهدف وملائمة لمنسوب الفعل الشعبي في كل مرحلة، وربما برامج عمل وفعاليات يومية تناسب واقع كل من التجمعات المحلية حسب التحديات والمخاطر التي تواجهها، (مثلا دحر مخططات تهويد المسجد الأقصى ووقف الاستيطان والمصادرة وهدم المنازل في مدينة القدس، وقف مخططات الاستيطان وردع المستوطنين في شمال وجنوب الضفة، تحدي عزل المدن في مناطق (أ) عن ريفها أو عزلها عن القدس، إسقاط مخططات الفصل العنصري في شبكات النقل والمواصلات في مختلف أنحاء الضفة الغربية، إسقاط تقسيم الخليل وإغلاق بعض الشوارع بموجب اتفاق إعادة الانتشار، رفع الحصار في قطاع غزة، التصدي للسياسات العنصرية ومخططات التهجير القسري في أراضي 48).

يعني ذلك الحاجة إلى تبني برامج عمل تراعي اللامركزية حسب الظروف والتحديات التي تفرضها منظومات السيطرة التي تحاول إسرائيل تكريسها.  وكمثال على ذلك، فإن شعارات من نوع العصيان المدني قد تكون موضع نقاش من حيث الجدوى في مناطق مثل القدس في مواجهة منظومة السيطرة الإسرائيلية، لكنها عديمة الجدوى في المناطق الخاضعة للسلطة في الضفة والقطاع.

ثانيًا: على مستوى التنظيم

 يجدر التفكير بالشكل الأنسب، سواء من حيث وجود إطار قيادي موحد (قيادة وطنية موحدة، جبهة مقاومة شعبية) يقود الفعل المقاوم، ويحدد شعاراته العامة، وتكتيكاته وأشكاله الكفاحية الأكثر جدوى، مع تشكيلات لأطر قيادية محلية تقود وتوجه برامج العمل اليومية حسب أولويات وحاجة التجمعات المحلية، عبر لجان للحراسة والتصدي للاعتداءات، وتقديم الخدمات والرعاية الصحية، ومتابعة التعليم في أوقات الطوارئ وغيرها.  ويجدر في هذا المجال، التفكير في خطط للاستفادة من آلاف المنتسبين للمؤسسة الأمنية، وبخاصة قوات الأمن الوطني، عبر توجيههم للانخراط في اللجان الأقرب لمهماتهم ومهاراتهم العملية، كل في مسقط رأسه، وتحت قيادة غرفة عمليات موحدة.

ثالثًا: على مستوى الأشكال الكفاحية

ينبغي أن تحرص العوامل المحددة لهذه الأشكال أولًا على توسيع المشاركة الجماهيرية، بعيدًا عن الأشكال المسلحة إلا لتحقيق غايات تخدم الدفاع عن النفس والردع، ولا توفر للاحتلال مبررًا أو فرصة لاستدراج الأجهزة الأمنية إلى مواجهة غير متكافئة تمكنه من توجيه ضربات قاصمة لها.  وثانيًا، تقليل الخسائر في صفوف الشعب الفلسطيني، بشريًا واقتصاديًا.  وثالثا، تعظيم الخسائر لدى قوات الاحتلال والمستوطنين والاقتصاد الإسرائيلي عمومًا.

يقتضي ذلك التفكير الخَلّاق في أشكال لا تقتصر على المواجهات المباشرة في المناطق التي لا تتواجد فيها قوات الاحتلال والمستوطنين في حالة اشتباك يومي مع الجمهور الفلسطيني، مثل القدس والخليل والريف، بل تنويع الأشكال لتشمل تظاهرات حاشدة لفرض ميادين احتجاج سلمي لكسر فصل القدس عن باقي مدن الضفة الغربية، وتظاهرات على بوابات السجون نصرة للأسرى، وأشكالًا من الفعاليات الموجهة لفرض وقائع فلسطينية في المناطق المهددة بالاستيطان والمصادرة على شاكلة قرية "باب الشمس"، وحملات محلية تفرض المقاطعة لمنتجات الاحتلال، إلى جانب الاستفادة من تجارب حركات التحرر العالمي في استهداف وتعطيل بنية النظام الاستعماري، في قطاعات الاقتصاد والطاقة والمواصلات وغيرها.

 

خاتمة

إن فهم السياق الذي تندرج فيه الموجة الانتفاضية يعتبر مقدمة ضرورية لاستيعاب المتغير الجديد في العمل الشعبي الساعي لإعادة صياغة علاقة الشعب بالنظام الاستعماري الاستيطاني العنصري من جهة، والعمل على توفير متطلبات نجاحها في الانتقال إلى مستوى انتفاضة شاملة من جهة أخرى.

سوف يبتدع الفلسطينيون في ميادين المواجهة أشكال الكفاح الكفيلة بالتغلب على العوامل الجديدة التي فرضها مستوى تقدم المشروع الاستعماري الاستيطاني، وبخاصة الزج بالكتلة الاستيطانية في مواجهة مباشرة مع الفلسطينيين، إلى جانب وبحماية جيش الاحتلال، إضافة إلى العوامل الأمنية والديمغرافية التي مكّنت قوات الاحتلال منذ العام 2000 من عزل القدس وتسهيل فصل المدن والبلدات والقرى عن بعضها البعض.

يبقى الأهم تحديد هدف عام يوجه الفعل المقاوم، قد يكون شبيهًا بأهداف حركات المقاطعة من حيث التركيز على الحق في التحرر وتقرير المصير، بما يعزز الحاضنة الشعبية للموجة الانتفاضية وانخراط أوسع القطاعات والفئات في فعالياتها.

وإلى جانب ذلك، ثمة ضرورة لتحديد الشعارات والتكتيكات وأشكال المقاومة الأكثر نجاعة في ردع الاحتلال والمستوطنين، مع أخذ ظروف التجمعات الفلسطينية بعين الاعتبار، لا سيّما من حيث أولويات التحديات والمخاطر وخصائص الاشتباك مع قوات الاحتلال والمستوطنين في كل منها، مع ما يترتب عليها من تشكيل لجان محلية ذات وظائف ملائمة لذلك.  ويعني ذلك توفير قدر من المرونة، أو اللامركزية، في تحديد الفعاليات وأشكال المقاومة وطبيعة ومهمات اللجان متعددة الأغراض والوظائف في كل من هذه التجمعات السكانية، شريطة أن يتم تشكيل قيادة موحدة تعمل لتحقيق هدف وطني متوافق عليه.

 

تحليل وضع

لماذا لا تنخرط القطاعات الشعبية في الهبة ؟

$
0
0
الثلاثاء, 3 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

مضى شهر على الهبة، وقد احدثت بعض التغيير في اكثر من مجال. تغيير اسرائيلي نحو الاسوأ وبخاصة في المستوى السياسي (الحكومة) الذي أمعن في عقوبات من طبيعة عنصرية انتقامية عززت من القتل الميداني بمجرد الشبهة، ما أدى الى تكرار قتل يهود اسرائيليين، والى بث حالة من الذعر المتبادل. ما تزال حكومة نتنياهو تعتقد انه بمزيد من القمع الدموي العنيف للشبان والشابات، وبمزيد من التنكيل والعقوبات الجماعية - كهدم المنازل وسحب التأمين والهويات ومضاعفة الغرامات والخنق وبإطلاق يد المستوطنين الفاشيين -  تستطيع أن تستعيد السيطرة وتحكم قبضتها الامنية. لكن سياسة التصعيد قادت الى مزيد من الاحتدام. وتلازم القمع الدموي الذي حصد 72 شهيدا وشهيدة بتخبط سياسي سرعان ما يرتد على الحكومة الاسرائيلية. فما ان تورط  نتنياهو في تبرئة هتلر من المحرقة، حتى انكشف عدم التزامه بالحفاظ على الوضع  القائم في الحرم القدسي في ما أسمي "تفاهمات كيري".، فلم تمض بضعة  ايام قبل ان يدخل الاصوليون اليهود الحرم القدسي بحراسة جيش الاحتلال، فضلا عن منعه لمؤسسة الاوقاف من نصب الكاميرات. كما فشلت الاتفاقات السابقة، سيفشل الاتفاق الاخير. ذلك ان كل الاتفاقات مبنية على خداع اسرائيلي يقول أن الصلاة للمسلمين فقط  والزيارة لغير المسلمين،  قافزا عن حقيقة أن اليهود الذين يزورون الحرم هم من جماعة "أمناء الهيكل والذين يدورون في فلكهم، وهؤلاء يأتون للصلاة  ولتقاسم المكان ويملكون مخططا معلنا لبناء الهيكل.هذا الوضع الذي دشنه شارون بدأ منذ العام 2000 ويتعهد نتنياهو بالحفاظ عليه ما هو إلا إمعان في سياسة تقاسم المكان. التحول الاسرائيلي الابرز يتبدى في صعود الصهيونية الدينية التي تخوض المعركة الان من موقعها الجديد في المؤسسات كالاحزاب ومنظمات الاستيطان والكنيست والحكومة والجيش والمؤسسة الامنية. مقابل تقهقر الصهيونية العلمانية  او اليسار الصهيوني الذي انحسر وافلس مشروعه السياسي  باغتيال رابين. وقد جاءت محاولته للاعتراض على سياسة نتنياهو في مناسبة  إحياء الذكرى ال20 للاغتيال كمن ينفخ في قربة مقطوعة، بعد أن تحول شلله وعجزه السياسي الى  حالة مزمنه. فلم يستطع الافادة من حماقات  الحكومة ولا من التغير في مواقف وأمزجة الاسرائيليين في إطلاق مبادرة سياسية. الان وبعد شهر واحد من الهبة أيد اكثر من نصف الاسرائيليين في آخر استطلاع للرأي العام، التخلص من كل الاحياء العربية في مدينة القدس –اكثر من ربع مليون مواطن – في إشارة الى الاخفاق الاسرائيلي في ضم المدينة العربية. والان وبعد شهر واحد من الهبة قال 55% من الاسرائيليين ان الاستيطان هو عقبة امام الاتفاق مع الفلسطينيين. إذا ما أضيف الموقفين السابقين الى تهديد نتنياهو بسحب هويات اكثر من 100 الف فلسطيني مقدسي، والى تشوش علاقات حكومة نتنياهو مع الادارة الامريكية و العديد من الحكومات الصديقة لاسرائيل. المشكلة كما نرى، لا يوجد معارضة اسرائيلية تستطيع طرح بديل لعدمية نتنياهو وسياسات التحالف اليميني المدمرة. لا يوجد معارضة تجرؤ على وضع قضية الاحتلال على طاولة البحث. لا يوجد قوى إسرائيلية واضحة لها مصلحة حقيقية في إزالة الاحتلال. وهذا يقودنا الى ما يمكن ان يفعله نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال  على الجبهة الاسرائيلية الداخلية.  اي عندما يتحول الاحتلال الى  مشروع خاسر. وعندما يتم استقطاب حلفاء يمارسون الضغوط ويعاقبون ويعزلون دولة الاحتلال  ويجعلون مشروع الاحتلال اكثر خسارة. حينذاك تبدأ المعارضة بالتشكل. استحضر هذا الاستنتاج البديهي الذي توصلت اليه الانتفاضة الشعبية الاولى،  لانه يطرح أهمية الهبة الشبابية الحالية، ويطرح أهمية تطويرها بالانتقال من العفوية والاندفاع الثورى الشبيبي، الى انتفاض شعبي منظم. كانت تجربة 21 سنة مفاوضات، اكثر من كافية وأكثر من مقنعة بفشل وعقم وخطورة مسار سياسي تتحكم به دولة الاحتلال وحليفتها الولايات المتحدة. وكان شهرا واحدا  من الهبة الشبيبية كافيا لاقناع السواد الاعظم من الناس انه يوجد "بديل"أو مسار آخر بديل لمسار أوسلو. وحتى يكون البديل حقيقيا، فلا بد ان يعبر عن مصلحة السواد الاعظم من الشعب، وأن يسير الى الامام بمشاركة منظمة من السواد. لقد احدث الشبان الشجعان البداية والفرق، قاموا بدور تاريخي إذا جاز القول.  ولكن إذا لم يستكمل ويطور ويعمق فلن يأتي أكله. والسؤال من يطور هذه البداية؟  يقول البعض من المخلصين : القوى السياسية عاجزة، ونحن نكرر الاخطاء منذ ثورة 36 وحتى اليوم،لأننا لم ننقد الاخطاء الكبيرة والصغيرة. وها نحن لم نملك استراتيجية ولا اهداف الان كما في السابق. ثمة وجاهة في كل هذا النقد. ولكن لماذا لا نحاول مرة تلو المرة تصويب الاخطاء ؟  سيما اثناء حالة التوترات التي يكون الاستعداد للتغيير اوفر حظا من حالة الهدوء. لماذا لا نتقدم بأفكار ومبادرات قد تساعد وتغير ؟ إذا انطلقنا من حقيقة أن هدف الخلاص من الاحتلال من خلال المسار الشعبي البديل لمسار المفاوضات، لن يتحقق بمعزل عن تغيرات في الواقع الفلسطيني وفي تحالفات الشعب الفلسطيني، وبمعزل عن تغيرات اسرائيلية. هذه المعادلة المركبة تحتاج الى نضال منظم طويل يخضع لحساب الربح والخسارة وحالة ميزان القوى السياسي والجماهيري والاقتصادي والمعنوي،  والتفوق الاخلاقي. وبهذا المعنى فإن الهبة بوضعها الحالي وما لم تنتقل الى طور جديد فإنها غير مؤهلة لاحداث التغيير.  وفي هذا الصدد لا يكفي رؤية عجز التنظيمات الساسية  والمنظمات والاتحادات الشعبية ومراوحتها في المكان. السؤال لماذا لم تستفز – حتى الان-  فئات وقطاعات شعبية واجتماعية وتبدي استعدادها للتمرد العفوي على الوضع الراهن ؟  ما زالت الفئة المتمردة  والمستفزة تقتصر على شبيبة ما بعد اوسلو فقط . في الوقت الذي تستدعي فيه المصلحة الوطنية العليا اشتراك ومشاركة القطاعات الشعبية قاطبة. دعونا نتخيل خروج عشرات الالاف الى مراكز المدن ونقاط التماس مع مراكز الاحتلال والاستيطان  بشعارات ومطالب موحدة. اسبوع يرفع شعار  إخراج المستوطنين من الاحياء العربية في القدس والخليل . اسبوع يرفع شعار محاكمة كل المتهمين بارتكاب جرائم حرب، واسبوع يرفع شعار مقاطعة دولة الاحتلال اقتصاديا وثقافيا وسياسيا، واسبوع يطالب الحماية الدولية، واسبوع لاستعادة الاراضي المصادرة والمياه المسروقة، واسبوع لازالة جدار الفصل العنصري. وكل الفعاليات ترتبط بالشعار المركزي  وهو انهاء   الاحتلال. لم نفعل ذلك ونكتفي بالتغني ببطولة الشبان، نتركهم بلا سند ودعم ولا حماية. إذا كانت القطاعات الشعبية لم تأت بسبب الاحباط وعدم الثقة بإمكانية تحقيق شيء، فلماذا لا نحاول تبديد شكوكها وتقديم انشطة "قوة مثال "جاذبة. Mohanned_t@yahoo.com

مقالات

إن كانت حرباً فهي الأكثر أهمية ...

$
0
0
الاثنين, 2 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

ثمانية وتسعون عاماً مرّت على وعد بلفور المشؤوم، الذي كان أكثر من مجرد وعد يعطي من لا يملك حقاً، حقوقاً من نوع خطير وتاريخي على حساب شعب فلسطين صاحب الأرض ووارثها الحصري. إسرائيل تثبت كل يوم منذ قيامها، أنها أداة مشروع استعماري، فرضته القوى الاستعمارية القديمة والجديدة، والتزمت ولا تزال تلتزم بتقويته وحمايته وتفوقه، لحماية وضمان مصالحها واستراتيجياتها في هذه المنطقة الحساسة من العالم. وحين تكتشف المنظومة الاستعمارية، أن حل ما كان يسمى المسألة اليهودية، قد ولّد مسألة فلسطينية قوامها شعب يصل تعداده اليوم إلى تعداد كل اليهود في كل أنحاء العالم، ونصفهم في إسرائيل، فإن هذه المنظومة الاستعمارية، تحاول إدامة مشروعها من خلال حل المسألة الفلسطينية عبر تسوية تعطي صاحب الحق جزءاً يسيراً من حقوقه، ولكنها لم تعد قادرة على كبح تمرد مولودها المجنون، عبر إصرارها على مواصلة الاحتلال، والتوسع وإنكار حقوق الشعب الفلسطيني. ماذا تستطيع إسرائيل أن تفعل في مواجهة شعب حي يتمسك بحقوقه، وكم يمكن أن تفيدها وتحميها، ترسانتها النووية، وما تملك من وسائل الدمار الشامل. خلال محاضرة في تل أبيب ألقاها مؤخراً، يدلي رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (امان) هرتسي هاليفي باعترافات خطيرة، وذات دلالات بعيدة المدى. عموماً لم يعد الفلسطينيون ينتظرون أو يراهنون على جيوش عربية تخوض حروباً سواء كان ذلك، لتحرير فلسطين، أو لرد عدوانات تتعرض لها بلاد عربية، فلقد ولّت مرحلة الحروب الكلاسيكية، ما جعل إسرائيل تعتقد أنها تعيش أفضل أيامها. الفلسطينيون موجودون على أرضهم، صامدون، يمارسون كل أشكال ووسائل الصراع، الناعم وغير الناعم من التراث والثقافة إلى المقاطعة الاقتصادية، ومقاومة كل المشاريع الإسرائيلية الاحتلالية بكل أنواعها ومسمياتها، يتمسكون بقوة بهُويّتهم، ومستعدون كل الوقت لدفع ثمن الحرية. فيما ورد من تشخيص دقيق، ذهب هاليفي إلى حد الاعتراف بأن المواجهات الجارية خلال هذه الهبّة، «قد سبّبت حالة من الهلع لدى الشعب الإسرائيلي لو وجدت العام 1948 لما قامت دولة إسرائيل». يتحدث هاليفي عن حرب مختلفة عن الحروب التي خاضتها إسرائيل في أزمان سابقة ضد الجيوش العربية، ويقول: «إن أحد أهم العوامل في الأحداث الحالية، هو موضوع الوعي والمعرفة، وان هذه الحرب ليست كالحروب السابقة إذ لا شأن لمن قتل أكثر هذا الطرف أوذاك، أو إلى أين وصل التقدم وأين غرست علمك فلقد غسلنا أدمغتنا خلال الشهر الأخير. ينظر هاليفي إلى أن المواجهات الجارية منذ أكثر من شهر على أنها حرب، وكان نتنياهو قد قال في بداياتها إن إسرائيل تواجه حرباً، لكنها حرب في الجبهة الداخلية وهي الأخطر بحسب هاليفي ففي حرب «يوم الغفران»، كان لدى إسرائيل قتيل واحد في الجبهة الداخلية، والباقي كان جنوداً». في أحاديث الفلسطينيين عن الهبّة الشبابية يبحث البعض عن الأهداف وعن الجدوى وما يمكن تحقيقه من إنجازات، وهو أمر يستحق البحث على كل حال، ولكن ثمة تفاعلات على أرض الواقع سواء كان ذلك في المجتمع الاستيطاني أو في المجتمع الإسرائيلي هي أشدّ خطراً، وأهم من حيث تداعياتها من كل الإنجازات التي يمكن أن تأخذ شكل الملموسية. نعلم بأن الفلسطينيين لم يقرروا خوض حرب مفتوحة على الاحتلال وان لهذه الهبّة أسبابها، وأهدافها التكتيكية التي لا يتفق عليها الكل، ولكن، حتى لو كان الأمر كذلك، فإن مرور شهر على هذه الهبّة، بما وقع خلالها، لا يكفي لتحقيق استثمارات تكتيكية، أو ان إسرائيل لم ترضخ، ومن غير المتوقع أن ترضخ أو تتراجع عن سياساتها التوسعية، وأساليبها الارهابية والعنصرية، ولذلك فإننا نفهم من رسالة الرئيس محمود عباس التي يتحدث فيها عن فرصة قد تكون أخيرة بأنها موجهة للمجتمع الدولي. المجتمع الدولي لم يتحرك حتى الآن بالشكل والمضمون الجدي والمثمر الذي يستجيب لتطلعات القيادة الفلسطينية التي لا تزال تبحث عن إعادة تفعيل خيار المفاوضات، ولكن على أسس مختلفة عما سبق، ولأن هذا المجتمع الدولي لا يزال متحفظاً كان لا بد من أن يذهب الرئيس ومن قبله وزير الخارجية رياض المالكي إلى مقر الجنائية الدولية، لإيداع بعض الملفات الخاصة بجرائم حرب ترتكبها إسرائيل. هذه الخطوة مهمة، لتأكيد جدية القيادة الفلسطينية إزاء تفعيل ما لديها من أسلحة قانونية وسياسية ودبلوماسية في مواجهة جبروت وتطرف آلة الحرب الاحتلالية. وإذا كانت هذه الخطوة مهمة، فإن الأكثر أهمية هو أن تستمر الانتفاضة وبوتائر فاعلة ومؤثرة، وفي الدائرة الجغرافية، التي جعلت هاليفي ينظر بخطورة شديدة لما يسميها حرباً، وعلى اعتبار أن مثل هذه الحرب هي الأجدى بالمعنى التاريخي للرد على وعد بلفور وعلى كل المشروع الاستعماري. 

مقالات

تحديات الانتفاضة الراهنة

$
0
0
الاثنين, 2 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

فيما تستمر مواجهات الشبان مع قوات الاحتلال وإستراتيجيته الهادفة إلى إخضاع الشعب الفلسطيني للرواية والرؤية الإسرائيلية، يستمر انشغال بعض النخب الفلسطينية في بحث أسباب وماهية ما يجري. ولم ينتقل هذا البحث حتى اللحظة إلى سبل إستنهاض وتوسيع المشاركة والمساندة الشعبية الملموسة لهذة الإنتفاضة، بما يوفر لها عناصر الصمود ويفتح أمامها آفاقاً سياسية.

بداية لا بد من الاقرار بحقيقة مؤسفة ، وهي أن واقع فصائل وقوى العمل الوطني ومدى انخراطها في الحركة الجماهيرية، بل ومدى ثقة الحركة الشعبية بهذه الفصائل، سيما في أواسط الشباب، تختلف بصورة كبيرة وجوهرية عما كانت عليه عشية إندلاع الإنتفاضة الأولى، الأمر الذي يجعل من قدرة هذه القوى على الإندماج في حالة الإنتفاضة، تمهيداً لتشكيل قيادة موحدة لتنظيمها و تطوير أدواتها وتوجيه فعالياتها ليس بالامر اليسير، ناهيك عن جاهزية هذه القوى للتوافق الفعلي على الأهداف المباشرة وبعيدة المدى لهذه الأنتفاضة، بفعل حالة الانقسام والاستقطاب الحاد بينها. وإن كان ليس من المطلوب الإستعجال في بلورة حالة قيادية لهذه الإنتفاضة سواء على الصعيد المركزي أو الميداني، إلا أن استمرار التردد وغياب الإرادة للسير نحو هذا الأمر يطرح أمام الإنتفاضة العديد من الأسئلة والتحديات، وربما أولها حول مدى جدارة هذه القوى في الإستمرار بادعاء الدور القيادي للشعب أو تمثيل تطلعاته. ولكن هذه الأسئلة لا تستثني أيضا سؤال الإنتفاضة نفسه، سواء من حيث قدرتها الذاتية على فرض حالة وحدوية تُمهد لإنهاء الإنقسام، أو على بلورة أدواتها الميدانية والقيادية .

إن المحرك الرئيسي لهذه الإنتفاضة الذي يبدو بارزاً حتى اللحظة ، يتمثل في الجرأة الناتجة عن مخزون القهر والغضب والرفض لسياسات الإحتلال وإستهتاره بحياة الفلسطينين وحقهم في الوجود والعيش بكرامة على أرضهم، ويتغذى هذا الأمر من عقلية المحتل و سياساته التي أباحت الإعدامات الميدانية بإعتماد قواعد إطلاق النار باستخدام الذخائر القاتلة على أدنى شبهة، ولكنه لا يستثنى أيضا عوامل فشل أطراف الحركة الوطنية من تقديم اجابات مقنعة و مجدية على كيفية مواجهة المخططات الإسرائيلية ، أو إيجاد حلول جدية للقضايا المتفاقمة على الصعيدين الوطني والاجتماعي ، وخاصة لهذا القطاع الحيوي في المجتمع.

ما يؤكد هذا الأمر أن احتدام المواجهات تزداد ويتسع نطاقها كلما سقط المزيد من الشهداء. والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل مخزون الغضب والجرأة الكامنة لدى قطاع واسع من الشبان سيكون لوحده كفيلا باستمرار هذه الإنتفاضة؟ وحتى لو إفترضنا صحة ذلك من منطلق حجم مخزون القهر والظلم ، وحدة حالة الإستقطاب بين إستراتيجية الإحتلال وبين اصرار الشبان على مواجهتها، فهل يمكن اقتصار الإنتفاضة الشعبية على هذا الشكل الوحيد الذي يقدمه الشبان في المواجهات مع قوات الاحتلال.

يبدو أن تطور بعض مجريات الإنتفاضة بدأت تضع الإجابة الأولية على ذلك، كما تشير بدايات اتساع المشاركة الشعبية في مدينة الخليل التي تتميز مع مدينة القدس عن غيرها من المدن بالوجود المباشر للإحتلال بداخلها.

هنا يبرز السؤال الأهم ، وهو كيف لباقي المدن والبلدات والتجمعات الفلسطينية أن تنخرط في فعاليات الإنتفاضة الأخرى؟ وما هي الرؤية السياسية والأهداف التكتيكية القادرة على توسيع قاعدة المشاركة الشعبية؟

ما تميزت به الإنتفاضة الأولى ، تمثل بصورة جوهرية ليس فقط في بلورة قيادة موحدة فحسب، بل و في نجاح هذه القيادة في تحديد مهمات تجذب و تُمكنّ كافة القطاعات الشعبية ومن كل الأجيال من المشاركة، بل إن المطالب والأهداف التكتيكية التي طرحتها القيادة الموحدة في حينه كمهمات أساسية مهدت لتوسيع وتنوع الانخراط الشعبي في فعالياتها، والتي بدورها إستدعت ضرورة بلورة الوسائل والأدوات التي تنظم أشكال هذه المشاركة. إن النجاح في توسيع المشاركة الشعبية في الإنتفاضة الراهنة يستدعي تحديد أهدافها المباشرة والمحددة، سيما في مدينة القدس بكل تفاصيل الانتهاكات الخطيرة التي تستهدف الوجود الفلسطيني فيها، وعدم حصرها في قضية الأقصى فقط والتي هي بجوهرها "سيادة و ليس عبادة ". كما في الأرياف "المناطق المسماة ج"وهي الأكثر، ليس فقط تماساً مع الإحتلال ومستوطنيه، بل والأكثر تضرراً من سياساته وإرهاب مستوطنيه ونظامه للتحكم والسيطرة وإستراتيجيته الهادفة إلى حسم مصير هذه المناطق ومواردها ومقدراتها لصالح مشروعه الإستعماري الإستيطاني بضمها، و هذا هو الهدف الإسرائيلي الجوهري . ان تحويل الحديث عن الصمود من مجرد شعارات جوفاء إلى برنامج عمل ملموس على جدول أعمال كافة المؤسسات الرسمية والأهلية والشعبية ، وتنفيذ مبادرات ملموسة تتحدى الاحتلال و تصنيفاته لهذه المناطق ، وبما يوفر عناصر القدرة على الصمود في مواجهة المخططات الإسرائيلية ، تشكل الحاضنة الأهم للانتفاضة و توسيع المشاركة فيها ، وهي أيضاً تشكل المدخل العملي لتفكيك قيود وتصنيفات أوسلو والانعتاق التام منها ، وبما يشمل توفير الحماية الرسمية للتجمعات السكانية في هذه المناطق ، الأمر الذي أشار اليه سلام فياض في مقاله "وداعاً للبكائيات "، والذي قدم من خلاله أفكاراً و اقتراحات ملموسة تستدعي برنامج عمل وطني متكامل لإسناد الانتفاضة ، و تعزيز ما اسماه البقاء المقاوم، حيث دعا بهذا الخصوص إلى نشر قوات الأمن الوطني في هذه التجمعات للقيام بواجبها في حماية المواطنين و مصادر رزقهم فيها من اعتداءات المستوطنين وإرهابهم . إن هذه المقترحات والأفكار وغيرها تستدعي نقاشاً وطنياً جاداً يصل الى إنهاء الانقسام و بلورة برنامج عمل يشكل حاضنة سياسية للانتفاضة .

تطور واقع المواجهة، في حالة إستمراره، يفرض نفسه على كل قطاعات و تجمعات الشعب الفلسطيني ، وهذا يتطلب الإعداد المنظم لأشكال المشاركة الشعبية بما يستجيب لتطورات هذا الواقع ، و يتوافق مع قدرات الناس والتي هي بالتأكيد ليست متساوية.

مرة أخرى من الذي سيقوم بهذا التنظيم والإعداد؟ هل قطاع الشباب وخاصة المنخرطين في المواجهة وحدهم؟ وما هو دور القوى السياسية والإتحادات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني بما في ذلك المؤسسات الشبابية في ذلك؟

ويبقى السؤال الأهم وفق أي رؤية سياسية ستنظم هذه العملية؟ هل بتحسين شروط المفاوضات وفق مسارها الراهن، والتي لم يعد القطاع الأوسع من شعبنا يثق بها، والإصرار على ادارة الظهر لضرورة إنهاء الانقسام الذي يهدر طاقات الشعب و وسائل استنهاضها ؟ أم بالتوافق على رؤية موحدة وبرنامج قادر على وضع حد لتداعيات فشل هذا المسار وما أحدثه من تآكل في المرجعيات والحقوق ، وهدر الطاقات الوطنية الناجمة عن تداعيات حالة الإنقسام و مخاطرها على هذه الحقوق والمصير الوطني برمته ، ومن هي القوى الحية التي ستأخذ على عاتقها تحشيد حالة شعبية ضاغطة والتصدي لهذه العملية وإنضاجها ، والتقدم نحو بناء جبهة وطنية عريضة تحتضن الإنتفاضة بأدواتها وآفاقها السياسية ؟ وتحمي طابعها الشعبي و تمنع انزلاقها بأي حال نحو العسكرة . وتقدم خطاباً موحداً يمكنه توسيع وتعميق حملات التضامن الدولي مع شعبنا و حقوقه الوطنية وفي مقدمتها الانعتاق من الاحتلال .

هنا التحدي... وعليه يتوقف مدى قدرة شعبنا على الإستمرار بالإنتفاضة وصولاً الى إرغام حكومة إسرائيل على إنهاء الاحتلال والإعتراف بحقوق شعبنا في الكرامة والحرية وممارسة حقه المشروع في تقرير المصير.

وأخيراً ، فهي لحظة الحقيقة التي تفرض على القوى السياسية جميعها أن تدقق و تدرك بأن ما يجري هو بداية مرحلة جديدة لا يمكن التعامل معها بذات البرامج والأدوات التي أوصلت القوى نفسها إلى ما هي عليه من تراجع في مكانتها الشعبية ، و وضعت مصيرنا الوطني أمام تحديات حقيقة ، فانتفاضة الشباب ليست مجرد صرخة في واد ، بل هي فرصة و استحقاق يستدعي المراجعة الشاملة ، وإلا فإن القطار قد لا ينتظر طويلاً .

مقالات

PUBLIC DISAGREEMENTS

$
0
0
الخميس, 5 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

"The public disagreement between the Jordanian and Palestinian leaderships over the understandings regarding the Aqsa Mosque announced by John Kerry have exposed a crisis in their relations," writes Hani al-Masri in the leading Palestinian daily al-Ayyam.

Unless its sharp edges are addressed quickly by holding meetings at various levels, relations between the two leaderships may be forced into a tight corner that will not be to their or their peoples’ interests.

Relations between the two leaderships improved greatly after the 1993 Oslo Accords. They entered a golden phase under President Mahmoud 'Abbas, especially after the agreement between them that extend Jordan’s sponsorship of Islamic Awqaf to Christian church properties as well, and their common stance vis-à-vis Israel’s intransigence that has foiled all initiatives to resume the [peace] talks.

This led to a deterioration in Jordanian/Israeli relations, so much so that the Jordanian monarch received numerous phone calls from Netanyahu in September. And this also led Netanyahu to inform the Knesset's Foreign Affairs and Defense Committee that relations with Jordan could deteriorate even further unless the situation in the Aqsa were calmed down.

The strength of Jordanian/Palestinian relations also manifested itself in the two leadership's shared conviction that there was no possibility of any breakthrough or genuine progress in the negotiations, especially as long as Netanyahu remains in power in Israel.

In fact, Israel's prevarication over the Kerry understandings provides the best evidence in this regard. The understandings are ambiguous and capable of being interpreted in the manner that Israel wants. For preserving the current status quo without defining it precisely first – as called for by the agreements – is different from returning to the historical situation as it was before. In the current circumstances, and as endorsed by the agreement, Israel has become a partner in everything, including the installation of CCTV cameras. It has also gained the right to permit visits to the Aqsa by people [Jewish religious extremists] who harbor aggressive schemes. In the past, by contrast, the Jordanian Awqaf alone decided who has the right to enter to pray or visit.

The gravest and worst sin committed by the Palestinians since signing the Oslo Accords has emerged with all its gaps, including the Palestinians’ consent to postpone decisions on the basic issues – especially Jerusalem and its holy sites– to the final status negotiations. This has helped Israel to alter the city's main features, allowing it to claim that it is Israeli land, or disputed territory at least.

The acts of aggression and storming of the Aqsa Mosque have peaked over the last two years, after the Israeli government began to institute time limits on [Muslims’] entry to the site as a prelude to imposing a spatial division, then destroying the Mosque and building Solomon’s Temple in its place, when conditions permit. This is consistent with the publicly declared schemes that Israeli government ministers have spoken of and are trying to implement, as well as Knesset members, party leaders and Jewish clergymen.

All the above highlights the need to reach a common Jordanian /Palestinian position that prevents the current situation from being consolidated and that protects the Aqsa. After all, there is enough evidence to indicate that the fate of the new understandings will be no different from that of the [1994] Jordanian/Israeli treaty and all previous understandings – as evident from the recent repeated storming of the Aqsa by Jews, even after the understandings were reached.

Jordan and Palestine are in the same boat. This calls for a united position based on defending the right of Jordan's Islamic Awqaf to control visits to the Aqsa on the grounds that this is an Islamic mosque, not disputed territory. This is especially urgent in light of the fact that Kerry used the expression 'Temple Mount' eight times in reference to the Noble Sanctuary at the press conference in which he announced the understandings.

The conflict over the Aqsa and the other Islamic and Christian holy sites is not in essence a conflict over the right to worship. It is a conflict over sovereignty. The Palestinians and the Jordanians should deny Netanyahu the opportunity to sow discord between them.

In this context, the 'intifada wave' that is centered in Jerusalem, gains extreme importance because it has highlighted the dangers that threaten the Aqsa. It has also contributed to bringing about a limited Israeli retreat, because it has made it clear that Jerusalem is occupied and that its people are not prepared to cohabit with the occupation. Their intifada and sacrifices offer conclusive evidence that the occupation will not remain gainful to Israel forever, and that the time is approaching when it becomes costly or unprofitable, as a result of which withdrawal and dismantlement of the occupation's settlements will become the Hebrew state’s sole way out. 

To continue to cling to the illusion of the so-called 'peace process,' to wait for the success of initiatives to resume negotiations, and to refrain from joining the conflict imposed by Israel on the Palestinians have never, and will never preserve the status quo or prevent the situation from deteriorating. On the contrary, they will only help it to deteriorate further.

The solution lies in having Jordan, Palestine, and all the Arabs adopt a new political approach based on strengthening the Palestinians’ steadfastness and their human presence on the land of Palestine. It is based on confronting Israel's schemes to change the facts on the ground by expanding its colonial settlement activities that are growing at an accelerating pace.

Laying siege to such settler expansion calls for a strategy based on creating crises as embodied by various forms of resistance that preserve its popular character and that set aims and is organized by a single leadership that represents all shades of the political spectrum. This will contribute to launching a new peace process – if only at some subsequent time –that is radically different from that launched after the [1991] Madrid Conference and that produced the Oslo Accords and that led us to where we are today.

"And this process should have a clear and binding terms of reference, such that the aim of the negotiations would be to implement international law and UN resolutions, within a short timeframe, not one that is forever open-ended," concludes Masri.

Ends…

 

مقالات

الانتفاضة الراهنة والاسئلة المتكررة

$
0
0
الثلاثاء, 20 تشرين اﻷول (أكتوبر), 2015

تستمر انتفاضة ابناء شعبنا في الاراضي المحتلة في تسجيل ملحمة بطولية جديدة في وجه الاحتلال . متجاوزة حجم البطش والوحشية والقمع الذي تمارسه حكومة العدو بما في ذلك اعمال القتل بدم بارد للشبان الصغار ودون اي وازع او رادع او قانون . 

ورغم مرور كل هذا الوقت على اعمال المقاومة البطولية للاحتلال واتساع رقعة التضامن والتاييد الشعبي العربي والدولي الواسع الا ان ايقاع القيادة السياسية الفلسطينية هو ادنى بكثير من الطابع الثوري لهذه الانتفاضة العظيمة . 

وقد انطلقت هذه الانتفاضة في سياق كامل من العفوية وكرد فعل مباشر على الاجراءات الاسرائلية العدوانية خصوصا في القدس والمسجد الاقصى وفي سياق من المحاولات المحمومة لتصفية القضية الوطنية الفلسطينية من الجانب الاسرائيلي الذي يدير الظهر لكل القرارات والنداءات الدولية لمنح شعبنا ولو جزءا من حقوقه الوطنية بينما يقوم في نفس الوقت بتوسيع سياسة الاستيطان والتهويد وطرد السكان من قراهم وبلداتهم والاعتداء على ممتلكاتهم بطريقة شديدة الاستفزاز والوحشية . 

لقد تراكمت عوامل الضغط والانفجار بصورة اصبح السكوت والصمت ازاءها هو بمثابة القبول بالامر الواقع . 
ومن هنا وعلى خلفية تراكم الاعمال العدوانية وعوامل الاحباط من مسار المفاوضات السياسية الاسرائيلية –الفلسطينية اندلعت هذه الموجة الجديدة من المقاومة مطبوعة بالتلقائية اولا ومطبوعة بالخصائص الفريدة للوضع الفلسطيني في المنطق المحتلة ومنها تركز هذه الاعمال في مدينة القدس وقراها وتاثرها بالاجراءات الاسرائيلية العدوانية تجاه الاقصى بالاضافة الى تمددها الى مناطق 48 . كما ان هذه الموجة اتسمت بالرد الشعبي العنيف على قوات الاحتلال واللجوء لاستعمل الطعن بالسكاكين في سياق واضح من الياس من استخدام الاساليب السلمية وحدها . 



التلقائية والوعي

لم تنطلق هذه الموجة الانتفاضية الثورية بقرار من احد . فهي وليدة رد الفعل التلقائي على الظروف القاسية والاعمال الاجرامية الوحشية التي يقوم بها الاحتلال يوميا . وبالتالي لم يخطط لها اي فصيل او حزب او حركة . بل يمكن القول ان احد عوامل انفجار هذه الانتفاضة هو الاحباط من المستوى الذي وصلت اليه الحركة السياسية الفلسطينية التي ربطت نفسها بخط اوسلو ومدريد واصبحت مكبلة بقيود هذه الساسية التي افضت الى عجز سياسي شامل . 

ومن حسن الحظ ان تقوم معظم الفصائل الفلسطينية بدعم وتاييد هذه الانتفاضة رغم وجود اشكال من القلق والتردد والتشكك عند البعض في اهداف ونتائج هذه الهبة الثورية العظيمة . وفي كل الاحوال تطغى روح التاييد والتضامن الايجابية على كل السلبيات المشار اليها . 

ومن بين التساؤلات المطروحة والمشروعة هو تاكتيك وهدف هذه الانتفاضة ونتائجها المحتملة ؟ 

ويشير المسار الفعلي للانتفاضة الى التزام المشاركين بالاشكال السلمية والابتعاد عن استخدام اي اشكال عسكرية في المقاومة . فالاساليب المتبعة بما في ذلك استخدام اشكال من العنف غير المسلح مثل الحجارة والسكاكين والدهس وغيره قد اثبتت قدرتها على خلق مستوى من الردع الفعلي للعدو من خلال بث الخوف والقلق على نطاق واسع في صفوف القوة القمعية (الجيش والشرطة ) وفي صفوف السكان الاسرائيليين عموما . وهناك اجماع واسع على تفادي استخدام الاعمال المسلحة سواء في الضفة الغربية او في قطاع غزة . 

ان اللجوء لاستخدام الطعن بالسكاكين في هذه الانتفاضة بما يحمله من احتمالات الاستشهاد العالية يؤشر الى نفاذ صبر الحركة الجماهيرية من الاساليب السلمية التقليدية التي تعود عليها العدو الاسرائيلي وتكيف معها . وهي تنطوي على احتمالات اللجوء لاشكال اكثر عنفا في اطوار اخرى قادمة من المقاومة اذا لم تتوقف الحكومة الاسرائيلية عن اعمالها العدوانية . 

اما فيما يتعلق بهدف الانتفاضة فهذا يرتبط بصورة وثيقة بالاسباب التي استدعت انفجار هذه الموجة الانتفاضية . فهناك اهداف مباشرة مثل وقف اعمال الاستيطان في القدس ووقف الاعتدات على الاقصى الشريف وهناك اهدافا تاكيكية اكثر شمولية تندرج في البرنامج الوطني المطروح الذي يشمل وقف كل اشكال الاستيطان والتهويد وطرد السكان واقتلاعهم وكافة اشكال الاعتداءات على الشعب الفلسطيني كما يشمل اجبار العدو على التسليم بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في اقامة دولته المستقلة على وطنه . 

ومن هنا يصبح دعم الانتفاضة من خلال تسليحها باهداف سياسية مباشرة واقعية من اهم اشكال الدعم . ومن البديهي ان يتم عدم الخلط بين الاهداف الثورية السياسية المباشرة وبين الاهداف السياسية البعيدة . حيث ان تحقيق كل منها يحتاج الى ميزان قوى مختلف . فخلق شروط سياسية واقتصادية واجتماعية داخل مجتمع العدو تجبره على التسليم بالاهداف المباشرة هو في ظل موازين القوى الراهنة امر واقعي وممكن . ولكن شروط اجبار العدو على التسليم بالاستقلال واقامة دولة مستقلة هو مسالة تحتاج الى تغيير مختلف لموازين القوى وهي واقعيا قضية نضالية وليست راهنة . لقد لاحظنا مثل هذا الخلط مع كل معركة وطنية كبيرة فالبعض يتخيل الان ان الانتفاضة يمكنها دحر الاحتلال . وبالامس القريب تخيل البعض ان صمود شعبنا في وجه العدوان الوحشي البربري الاسرائيلي في غزة كان يمكنه ايضا ان يؤدي الى دحر الاحتلال . وفي كل الحالات يتم تجاهل موازين القوى الفعلية والاهداف الممكنة وغير الممكنة في كل لحظة . 

و من هنا لا بد ان تسلح الانتفاضة باهداف سياسية تاكتيكية ثورية واقعية تحول التضحيات الكبيرة التي يدفعها ابناء شعبنا الى منجزات على طريق النضال الطويل المستمر . 

وهناك تمسك واسع بمطالب وقف الاجراءات الاسرائيلية في القدس ووقف اعمال الاستفزاز في المسجد الاقصى في صفوف الانتفاضة . وحتى يتم قطف ثمار هذا النضال وتحقيق هذه المطالب من البديهي ان يكون لهذه الانتفاضة قيادة سياسية . وهنا تكمن الحلقة الضعيفة ؟ 

القيادة الحالية ....والبديل ؟ 

والواقع ان الارتقاء باعمال التنسيق الميداني بين المنتفضين في مواقعهم المختلفة والوصول بها الى قيادة ميدانية مشتركة يضع اساسا قويا للضغط على القيادة السياسية الفلسطينية ذات التمثيل العربي والاقليمي والدولي للقيام بواجباتها في هذا السياق .

فالسلطة الوطنية الفلسطينية الواقفة على ارض اوسلو ومدريد حتى اليوم والتي تتمسك بتكتيك واحد وحيد في عملها وهو المفاوضات مع الحكومة الاسرائيلية والمكبلة بالف قيد وقيد من هذه القيود والتي يعتريها التراجع ونكوص الهمم والفساد في مؤسساتها وهيئاتها المختلفة لا يمكنها ان تقوم بمهمة دعم وتطوير الانتفاضة واستثمار تفاعلاتها العربية والدولية . 
ولكن تغيير هذه السلطة ايضا باعتبارها الشكل التمثيلي السياسي للشعب الفلسطيني لا يمكنه ان يتم في يوم وليلة . لا يمكنه ان يتم بقرار او بارادة افراد بعينهم او اي مجموعة منفردة بمعزل عن خلق توازن داخلي فعلي لمصلحة الاتجاهات الثورية والديموقراطية الحقيقية المنسجمة مع تطلعات واهداف شعبنا الفلسطيني . 

تغيير قيادة السلطة الفلسطينية وتغيير المسار السياسي للحركة الفلسطينية لايمكنه ان يتم بانقلاب ولا يتم من خلال خلق اشكال سياسية موازية . بل ان العمل الديموقراطي طويل النفس من داخل هذه الحركة ومن خارجها يمكن ان يؤمن هذا التوازن الذي يمكن ان يؤدي الى ازاحة تيار سياسي يشكل برنامجه معيقا لتطور النضال الفلسطيني وتنصيب قيادة بديلة مؤهلة لتطوير وفتح افاق واسعة لهذا النضال . 

ولا شك ان المعارك الكبرى ضد الاحتلال الاسرائيلي تخلق افضل المناخات لعزل وتطويق السياسات الخاطئة والانهزامية وتطوير وزن التيارات الديموقراطية والثورية داخل صفوف الحركة الفلسطينية . 
من هنا تاتي اهمية تطوير تيار ثوري ديموقراطي واسع يتكون من القوى والتجمعات السياسية والثقافية يرفع لواء برنامج وطني ديموقراطي حقيقي على انقاض برنامج اوسلو ومدريد بحيث يكون قادرا على التاثير في الحركة الجماهيرية ولا يقتصر عمله على العمل الفكري والسياسي فقط . وبحيث يستطيع من خلال وجوده في مؤسسات السلطة الفلسطينية ومؤسسات م. ت. ف ان يمارس تاثيره الفعال على القيادة الفلسطينية الراهنة . 

ان التحاق الفصائل اليسارية منذ البدء ببرنامج اوسلو ومدريد ادى الى اضعاف نفوذها ومصداقيتها من كافة الجوانب رغم ان هذا الالتحاق والمشاركة في مؤسسات السلطة لم يخلو من انتقادات من هنا وهناك . وبالتالي فان قدرة هذه الفصائل اليوم على شق طريق مستقل وممارسة تاثير مختلف على الانتفاضة وعلى الحركة الشعبية ككل هو امر مشكوك فيه لانها ما تزال تسير في نفس سفينة ابو مازن ولا تحتفظ لنفسها بعمل مستقل مميز يضع مسافة واضحة بينها وبين التيار الذي يقود السلطة . انها بلا شك تتحمل مسؤولية السياسة الرسمية بالتضامن والتكافل مع ابة مازن ومن خلال الشراكة التي تمثلها الحكومة الفلسطينية وغيرها من المؤسسات . 
ولذلك يتوجب المراهنة على القوى الشبابية الصاعدة التي تتحلى بروح ثورية في كافة الفصائل الفلسطينية دون وضع اي اوهام على يسارية اي فصيل من الفصائل والاحزاب العاملة في الساحة الفلسطينية . 


يتوجب اليوم ان يرتبط شعار افشال السياسات الاسرائيلية في الاستيطان في القدس ورفع يد الاحتلال عنها ووقف اي اجراءات ضد المسجد الاقصى بالمطالبة الفورية بعقد مجلس الامن لتخاذ قرارات حازمة للجم حكومة العدو ووقف ممارساتها العدوانية والزامها بمطالب المنتفضين . 
ان كافة المثقفين الفلسطيين كتابا وصحفيين وفنانين معنيين اليوم بالوقوف صفا واحدا داعما لانتفاضة شعبنا البطولية . والعمل على توظيف اقلامهم لتطوير الاعمال البطولية التي يجترحا ابطال الانتفاضة ومحاولة توفية سبل الدعم والاسناد لها . 
اما الذين استبد بهم القلق وفقدان الاتجاه فعلى الاقل عليهم ان يصمتوا فالصمت افضل . لقد تضمنت بعض الكتابات التي انتشرت في بعض الصحف الفلسطينية وبعض مواقع النشر الالكتروني و التوصل الاجتماعي مثل هذا النوع من القلق والتشوش . 
يكفي هذه الانتفاضة انها اعادت القضية الفلسطينية الى مقدمة الصفوف والاهتمامات عربيا ودوليا . يكفي انها حركت المبادرات والنقاشات حول القضية الفلسطينية . وبدلا من اضاعة الوقت والجهد في النقاشات البيزنطية في قضايا عمومية فليعمل الجميع من اجل دعم هذه الملحمة البطولية والتكاتف معا لكسر شوكة الاحتلال وافشال اهدافه . 

مقالات

السياسة الفلسطينية بعد إقرار اللجنة التنفيذية توصيات اللجنة السياسية

$
0
0
الاثنين, 9 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

أقرّت اللجنة التنفيذية في اجتماعها الأخير، يوم الأربعاء الموافق 4 تشرين الثاني 2015، التوصيات التي رفعتها اللجنة السياسية تنفيذًا للتكليف الذي جاء في خطاب الرئيس محمود عباس أمام الدورة الـ (70) للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 30 أيلول 2015، وذلك استنادًا إلى قرارات المجلس المركزي الفلسطيني الصادرة في 5 آذار 2015.

لم تعلن هذه التوصيات رسميًا التي باتت قرارات بعد مصادقة اللجنة التنفيذية، إلا أن ما صدر من تصريحات حولها وما تناولته وسائل الإعلام نقلًا عن مصادر مطلعة، وما حصلنا عليه من معلومات؛ كلها تشير إلى أنها كما يلي.

لقراءة ورقة تقدير موقف أو تحميلها ... اضغط/ي هنا 

قرارات اللجنة التنفيذية

تضمنت قرارات اللحنة التنفيدية قيام الرئيس محمود عباس بإرسال رسائل خطية متطابقة إلى كل من: رئيس الوزراء الإسرائيلي، والرئيس الأميركي، والرئيس الروسي، والرئيس الصيني، والمفوضة السامية للعلاقات الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي، ولمن يراه مناسبًا من رؤوساء أو غيرهم؛ تتضمن طلبًا من الحكومة الإسرائيلية مع إعطاء فترة محددة قصيرة تصل إلى أسبوعين للرد على الاعتراف بدولة فلسطين، والموافقة على ترسيم الحدود، وتحديد جدول زمني للانتهاء من مفاوضات الوضع النهائي، وجدول زمني لانتهاء الانسحاب من أراضي دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفقًا لقرار الجمعية العامة 19/67 الصادر في العام 2012، وبإشراف دولي مناسب، إضافة إلى اقتراح أن يتم ذلك من خلال مؤتمر دولي للسلام.

كما تتضمن الرسائل المطالبة بوقف النشاطات الاستيطانية كافة، وبما يشمل القدس، والإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، وبالتوازي، الالتزام بتنفيذ الاتفاقات، والتأكيد على الوحدة الجغرافية، والولاية السياسية والقانونية.

وفي حال رفضت الحكومة الإسرائيلية التجاوب مع هذه المطالَب، يقوم الرئيس بالإعلان عن انتهاء المرحلة الانتقالية، والانتقال من مرحلة السلطة إلى الدولة تطبيقًا لقرار الجمعية العامة المذكور سابقًا، وإنهاء العمل بكافة الاتفاقيات الانتقالية، وكذلك دعوة الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أراضي دولة فلسطين المحتلة، وإنشاء نظام حماية دولية خاص للشعب الفلسطيني إلى حين تحقيق ذلك.

وتضمنت قرارات اللجنة التنفيذية تزامن ما سبق مع تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، والاتفاق على الشراكة السياسية من خلال الاتفاقات السابقة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات عامة، ودعوة لجنة تطوير منظمة التحرير الفلسطينية إلى الانعقاد ومتابعة التنفيذ، وتحديد موعد لعقد المجلس الوطني من أجل إقرار دستور دولة فلسطين، والإعلان عن البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وانتخاب لجنة تنفيذية ومجلس مركزي جديدين، بما يتيح تفعيل كافة دوائر منظمة التحرير الفلسطينية.

كما تضمنت القرارات استمرار بناء مؤسسات الدولة، واتخاذ الخطوات لفرض السيادة والانتقال من السلطة إلى الدولة بخطوات تصبح من خلالها اللجنة التنفيذية الحكومة المؤقتة لدولة فلسطين، والمجلس الوطني الفلسطيني برلمان دولة فلسطين، والرئيس هو رئيس دولة فلسطين، وذلك عملًا بقرار الجمعية العامة.

ومن ضمن القرارات أيضًا، طرح مشاريع قرارات أمام مجلس الأمن حول القدس والاستيطان وغيرها من قضايا، وإعلان منظمة التحرير عن استمرار التزامها بقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، ومرجعيات "عملية السلام" (مؤتمر مدريد، مبادرة السلام العربية، خارطة الطريق)، وبما يضمن تحقيق حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، إضافة إلى تأكيد حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، وتعزيز مقاومته الشعبية للاحتلال.  وكذلك رفض استمرار الأمر الراهن، ورفض الحلول الانتقالية وإبقاء قطاع غزة خارج إطار الفضاء الفلسطيني، ورفض مبدأ الدولة بنظامين أو دولة ذات حدود مؤقتة، والتأكيد على أن لا دولة فلسطينية في قطاع غزة ولا دولة فلسطينية دون قطاع غزة.

وتضمنت القرارات كذلك أن يطرح المجلس الوطني في جلسته القادمة دراسة إمكانية إعادة النظر في اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، والمطالبة بأن يكون الاعتراف متبادلًا بين دولة فلسطين ودولة إسرائيل، والقيام بخطوات اقتصادية تشمل منع وتجريم الاستيراد غير المباشر للبضائع والمنتجات الأجنبية من السوق الإسرائيلية، وفرض رسوم مالية وقيود على الاستيراد غير المباشر (إذا لم يتم إلغاؤه)، وسن قانون جديد لتنظيم الاستيراد، والاستمرار في الحملة الوطنية والدولية لضرب اقتصاد المستوطنات في كافة المجالات، بما يشمل منع العمالة الفلسطينية في المستوطنات، والانتقال من المقاطعة الشعبية للمنتجات الإسرائيلية إلى المقاطعة الرسمية الشاملة، وبشكل تدريجي، على أساس المعاملة بالمثل.

أخيرًا، جاء في القرارات أن يقوم الرئيس فورًا بزيارات إلى الأردن ومصر والسعودية، وأن يدعو إلى اجتماع طارئ للجنة مبادرة السلام العربية من أجل الحصول على الدعم.

 

ملاحظات على القرارات

بالرغم من أن القرارات شاملة، وفي حال تطبيقها تنقل الوضع الفلسطيني من حال إلى حال؛ إلا أن هناك جملة من المسائل تستوجب التوقف عندها، وتبرز أنه لا توجد نية حقيقية لتطبيقها، وهي:

  • إنّ جوهر ما هو وارد في القرارات، وبعضها حتى فيما يتعلق بالتفاصيل، بدأ يُطرح في أروقة القيادة الفلسطينية منذ فشل المفاوضات التي انطلقت بعد "مؤتمر أنابوليس"المنعقد في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2007، والتي استمرت طوال العام 2008، وانتهت تمامًا بمجيء حكومة نتنياهو السابقة ورفضها لكل الجهود التي بذلت لاستئناف ما سمي "عملية السلام".

كما تبلور هذا الطرح بشكل واضح من خلال ما تضمنه خطاب الرئيس محمود عباس في قمة سرت العربية المنعقدة العام 2010 عن "الخيارات السبعة"التي ستطبق بالتتابع.  فالكل يتذكر، خصوصًا التهديدات التي أطلقها الرئيس بحل السلطة التي أصبحت بلا سلطة، وتسليم مفاتيحها إلى إسرائيل .ومن خلال تهديده بتفجير قنبلة في خطابه الأخير في الأمم المتحدة، وأخيرًا بما نقل عنه خلال زيارته إلى القاهرة (8 تشرين الثاني 2015) بأنه سيعمل بالتتابع على خمس قضايا آخرها المصالحة الوطنية.

ما سبق يجعل الكثيرون يشككون في جدية القيادة في تطبيق هذه القرارات، كونها تتصرف وكأن لديها فائضًا من الوقت ولا تزال بانتظار "غودو"الذي لن يأتي، لذا يعتبرونها مجرد ذر للرماد في العيون، لأن الأولوية لدى القيادة لا تزال المحافظة على السلطة، وما يجري من تهديدات وإجراءات من نوع الانضمام إلى المؤسسات الدولية، والتهديد بانتهاء المرحلة الانتقالية وغيرها، ليس إلّا مجرد أوراق ضغط تستهدف الحفاظ على بقاء السلطة، وشراء الوقت لعلّ وعسى تحدث تطورات جديدة تسمح باستئناف المفاوضات، مثل انتخاب رئيس أميركي جديد، أو مجيء حكومة إسرائيلية جديدة، بالرغم من أن انتظار التغييرات الإسرائيلية والعربية والإقليمية والدولية لا يؤدي إلى حدوثها، وإذا حدثت لا تأتي في صالح القضية الفلسطينية، بل  يغلب عليها السلبية.

في كل الأحوال، إن الاستفادة من التغييرات الإيجابية ودرء السلبية سيتوقف على وحدة العامل الذاتي الفلسطيني وفعاليته، وهذا غير متوفر.

  • لم تتضمن القرارات إلغاء "اتفاق أوسلو"، بل إنهاء المرحلة الانتقالية، وإعلان الانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة، من خلال اتخاذ القرارات الضرورية نحو الانتقال من السلطة إلى الدولة استتنادًا إلى حقوقنا الوطنية المشروعة، ولم يتضح مع ذلك: هل سيتم وقف أو تعليق كلي لهذه الاتفاقات، أو تعليق العمل بأجزاء منها، وخاصة التنسيق الأمني، إلى أن تلتزم إسرائيل بها؟
  • استنادًا إلى النقطة السابقة، فإن القرارات على أهميتها البالغة لم تتضمن قطع الحبل السري الذي يربط السياسة الفلسطينية بما سمي "عملية السلام"وخيار المفاوضات الثنائية و"اتفاق أوسلو".  وأكبر دليل على ما سبق أن القرارات تؤكد الالتزام بمرجعيات "عملية السلام"، وتحديدًا "مؤتمر مدريد"، و"مبادرة السلام العربية"و"خارطة الطريق"بالرغم من تجاوز الأحداث لـ"مؤتمر مدريد"، وموت "مبادرة السلام العربية"منذ ميلادها، ومن المستغرب تجديد التمسك بـ"خارطة الطريق"، لأن سقفها هابط عن الحقوق الفلسطينية ومرجعيتها الأساسية أمنية، إضافة إلى أن شارون وضع تحفظات عليها قضت على بعض النقاط الإيجابية التي تضمنتها، مثل المطالبة بوقف الاستيطان بما في ذلك التكاثر الطبيعي، وحولتها إلى "خارطة طريق"إسرائيلية.

ودليل آخر على تأجيل البت في الخيارات الفلسطينية الجديدة واستمرار المراهنة على الخيارات القديمة؛ أن الرئيس سيرسل رسائل، وسيقوم بزيارات، وسيدعو لجنة مبادرة السلام العربية إلى الانعقاد للحصول على دعمها، وإذا لم تدعم وطالبت بإبقاء الوضع على حاله فسيكون الموقف الفلسطيني محرجًا، فكيف سيمضي في تطبيق ما قررته القيادة الفلسطينية في ضوء ذلك؟ وفي المقابل، إذا لم يُطبِق هذه القرارات فسيضعف أكثر وسيفقد المزيد من مصداقيته الشعبية، الأمر الذي سيعمّق غياب المركز القيادي وحضور متزايد للأطراف وللاعبين جدد.

وقد يكون الانتظار مقصودًا، لأن تطبيق القرارات بالكيفية التي اتخذت بها بحاجة إلى وقت قد يطول، إذ لا يمكن التحكم بمواعيد من ننتظر ردودهم أو لقاءهم، وبعد أن نستمع إليهم ستبرز الحاجة إلى إعادة تقييم القرارات، وربما تنتهي هذه العملية بتغييرها، أو تعديلها، أو تأجيلها، فالأمر المقدّس الذي يعلو على أي شيء آخر هو بقاء السلطة وتوفير عوامل بقائها، لأنها بدأت بالانهيار في ظل توقف تام لما سمي زورًا وبهتانًا "عملية سلام".

  • إن تطبيق القرارات، أو حتى التلويح الجدي بتطبيقها، يستوجب استعدادات فلسطينية جدية تختلف عما نراه، فكل شيء بقي على حاله بعد إقرارها، فلم نلاحظ تشكيل خلايا أزمة تبحث وتستعد، لأن من أصدر هذه القرارات إذا كانت لديه نية لتنفيذها أو بعضها، فعليه أن يوفر متطلبات تنفيذها ويستعد لعواقبها.  فإسرائيل لن تقف مكتوفة اليدين إذا تم وقف الالتزامات وتعاملت السلطة عمليًا بأنها دولة.

إن من يقرر الحرب عليه الاستعداد لها، وإلا فسيخسرها أو لا يقصد الوصول إليها أبدًا، فالمحافظة على السلطة في الضفة والقطاع تستوجب تجنب المجابهة الحقيقية مع الاحتلال.

  • هناك تناقض بين الدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في قرار، والدعوة إلى اعتبار اللجنة التنفيذية للمنظمة هي الحكومة في قرار آخر، إلا إذا كانت النية مبيتة لجعل فوارق زمنية طويلة بين تشكيل حكومة الوحدة واعتبار اللجنة التنفيذية هي الحكومة.  وكذلك فهناك عدم انسجام في المهمات والصلاحيات والولاية القانونية بين اعتبار المجلس الوطني هو المرجعية للدولة الفسطينية بالرغم من أن الدولة حدودها الأراضي المحتلة العام 1967، بينما المجلس الوطني يمثل الشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل وخارجه.

 

إستراتيجية جديدة

المعضلة الكبرى في هذه القرارات أنها تتصور أو تُصَوِّر أن هناك إمكانية لتعديل بعض أسس "عملية السلام"ومواصلة الطريق لإقامة الدولة الفلسطينية، وأنها على مرمى حجر، ولكن هذه المرة من خلال وهم إمكانية فرضها من جانب واحد من دون نضال طويل يبدأ بتغيير قواعد اللعبة كليًّا، ويركز على النضال لتغيير الحقائق على الأرض وموازين القوى.

وهذا يظهر من خلال أشياء عدة، أبرزها: الدعوة إلى تجسيد الدولة على الأرض فورًا، وهو أمر بحاجة إلى وقت طويل وتوفير متطلباته، وإعطاء الأولوية لإقرار الدستور، مع أن إقراره يعني إمكانية توفر السيادة لدولة تتمكن من توفير حقوق المواطن حتى تطلب منه أداء واجباته، فالأولوية الآن هي لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية بوصفها حركة تحرر وطني، عبر إقرار ميثاق وطني جديد يحفظ الرواية والحقوق التاريخية، ويحدد الأهداف والقيم المشتركة، ويأخذ الخبرات والمستجدات بالحسبان، وعبر إقرار برنامج يقوم على:

  • إنهاء إسرائيل لاحتلالها واستعمارها لكل الأراضي العربية (المحتلة العام 1967) وتفكيك الجدار.
  • الاعتراف بالحق الأساسي بالمساواة الكاملة لمواطنيها العرب الفلسطينيين.
  • احترام وحماية ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم، كما هو منصوص عليه في قرار الأمم المتحدة رقم 194.
  • توفير مقومات الصمود والتواجد البشري والعيش الكريم للشعب الفلسطيني أينما تواجد، وخصوصًا على أرض وطنه.

إن الاختلال الفادح في ميزان القوى، خصوصًا في ظل الانقسام الفلسطيني والضعف والشرذمة والهوان العربي، وقيام الإدارة الأميركية بتعميق ارتباطها وزيادة دعمها لإسرائيل لتعويضها عن الاتفاق النووي الإيراني لضمان استمرار تفوقها العسكري؛ يجعل أي إمكانية لصدور قرار من مجلس الأمن بإنهاء الاحتلال أو الحماية الدولية أو وقف وتفكيك المستوطنات أمرًا مستحيلًا.

لعل ما أعلن مؤخرًا من مواقف بأن الإدارة الأميركية اعتمدت سياسة مفادها أنه لا إمكانية للتوصل إلى اتفاق فلسطيني إسرائيلي، وأنه من الصعب حتى إجراء مفاوضات خلال الفترة المتبقية لها في الحكم، وأنّ أقصى ما يمكن تحقيقه هو الحفاظ على الوضع الراهن ومنع تدهوره؛ كل ذلك يؤكد أن الدولة لن تقام في القريب العاجل، ما يوجب التركيز على إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية والتمثيل ومؤسسات منظمة التحرير، على أسس وطنية وديمقراطية وشراكة سياسية حقيقية، وبما يؤدي إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، إضافة إلى وضع رؤية تنبثق منها إستراتيجية قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية.  فالوحدة الوطنية ضرورة لا غنى عنها، فهي ليست نقطة من النقاط، ولا يمكن تأجيلها كآخر نقطة، أو تطبيقها بالتوازي مع النقاط الأخرى مثلما جاء في القرارات.

إن وضع إستراتيجية على هذا الأساس يكون الاستجابة المطلوبة للتحديات المطروحة، وطريق توفير مستلزمات الانتصار في المجابهة التي تفرضها إسرائيل على مصراعيها ولم يخترها الفلسطينيون، ولعل الخشية من هذه المجابهة هو ما يفسر التردد ومحاولة الجمع ما بين الماضي والحاضر على سطح واحد.

 

السيناريوهات المحتملة إزاء التعامل مع قرارات اللجنة التنفيذية

السيناريو الأول: استمرار الوضع الراهن أكثر أو أقل قليلًا، بحيث تبقى هذه القرارات بالنسبة للقضايا الأساسية كما هي، ويتم الانضمام إلى مؤسسات دولية أخرى، وتسريع الخطوات في المحكمة الجنائية الدولية، وبناء فريق عربي ودولي لطرح إمكانية إنشاء نظام خاص للحماية الدولية للشعب الفلسطيني على أراضي دولة فلسطين، واتخاذ إجراءات قد تكون مهمة ولكن لا تصل إلى تغيير قواعد اللعبة التي حكمت العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية منذ توقيع "اتفاق أوسلو"وحتى الآن. 

هذا الاحتمال وارد أكثر إذا تم استئناف المفاوضات برعاية دولية يشارك فيها العرب، وهذا مستبعد الآن بعد الإعلان عن الموقف الأميركي الجديد من المفاوضات، ووارد في حال أقنعت إدارة أوباما حكومة نتنياهو باتخاذ مبادرات حسن نية إزاء الفلسطينيين، وعدم اتخاذها خطوات تقضي على ما تبقى من وهم بخصوص ما يسمى "حل الدولتين".

كما أن هذا السيناريو سيكون هو الترجمة المرجحة لتنفيذ القرارات الفلسطينية في ظل أن الغائب الأكبر في الطرح الرسمي الفلسطيني هو الجواب عن سؤال: كيف ستُفرض السيادة ويجري الانتقال إلى الدولة؟ وهذا الغياب لأمر حاسم يعكس عدم الجدية، وأن ما يجري أقرب إلى شراء الوقت وغياب الخيارات الفعلية منه إلى أي شيء آخر.

السيناريو الثاني: تدهور العلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية بشكل كبير، خصوصًا إذا استمرت الموجة الانتفاضية الحالية وتصاعدت أكثر، لا سيّما إذا تحولت إلى انتفاضة، أو إذا انهارت السلطة، أو تراجع دورها أكثر وأكثر، خصوصًا إذا نفّذت إسرائيل مخططها بإعادة تركيب السلطة لتكون أكثر طواعية لها مستعينة بخلق نوع من الفوضى.  فالرئيس أبو مازن لا يريد أن يستسلم لما تريده إسرائيل كليًّا، ولا يريد توفير مستلزمات المجابهة وإحباط مخططاتها، وهذا يفتح طريق العمل الإسرائيلي لإضعافه تمهيدًا لاستبداله وإيجاد خليفة له.

فما تسرّب من مقترح إسرائيلي حول توزيع مهمات الرئيس محمود عباس بحيث يبقى رئيسًا للسلطة، ويتم اختيار وانتخاب رئيس آخر لحركة فتح، وثالث للمنظمة، ورابع للحكومة؛ يذكرنا بما حدث من استحداث منصب رئيس الحكومة لإضعاف ياسر عرفات على أساس "حق يراد به باطل".

إنّ خطورة ترجيح حدوث السيناريو الأول تكبر من كونه يمهد الطريق للسيناريو الثاني.

السيناريو الثالث: تبني إستراتيجية جديدة للكفاح الوطني الفلسطيني على أساس وحدة الشعب، بمختلف قواه وأفراده وكفاءاته وأطيافه، تغيّر عمليًّا وجذريًّا قواعد اللعبة المعتمدة منذ توقيع "اتفاق أوسلو".

وهذا السيناريو مستبعد على المدى المنظور، وهو يمكن أن يتحقق بشكل تدريجي ضمن عملية تاريخية، خصوصًا إذا لم تسارع القيادة والقوى إلى التقاط زمام المبادرة وقيادة كفاح الشعب الفلسطيني، مما يلقي بالمسؤولية على عناصر وقيادات ومجموعات جديدة - من خلال تكاثر وتعاظم بوادر وإرهاصات لا تبادر إليها القيادات والقوى القائمة ولا تقاد من قبلها - تجسدت في الموجة الانتفاضية الحالية، وقبلها في حركة مقاطعة إسرائيل BDS، ولجان إحياء حق العودة، وتعاظم حركات التضامن، والنهضة الثقافية والفكرية التي يشهدها الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، والتي تعوض نسبيًا الانحدار السياسي، الذي يظهر في غياب المؤسسة الجامعة والقيادة الواحدة والبرنامج المشترك المستند إلى عقد اجتماعي جديد.

خلاصة لما سبق، فإن قرارات اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي ستبقى في إطار التهديدات اللفظية أو ستطبق بشكل جزئي وانتقائي وتكتيكي من دون أن تحدث الأثر النوعي المطلوب؛ ما لم تتوفر قناعة وإرادة سياسية وآليات عمل واضحة تضمن تحققها، وهي غير متوفرة حتى الآن، بدليل استمرار الانقسام وتعمقه أفقيًا وعموديًا، وتبادل الاتهامات والتحريض الإعلامي، وحملات الاعتقال، ومنع تنظيم الاحتفال بذكرى استشهاد ياسر عرفات؛ بدلًا من إعطاء الأولوية للوحدة التي هي قانون الانتصار لأي حركة تحرر وطني.

تقدير موقف

أنا وياسر عرفات في ذكرى استشهاده

$
0
0
الاثنين, 9 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

 

لم أكن منذ بداية انخراطي في الحركة الوطنية على وفاق مع ياسر عرفات، فقد كنت يساريًا متحمّسًا ضمن مجموعة تريد أن تعمل المستحيل، وإطلاق "ثورة في الثورة"، ولا يعجبها التحريفية السّوفيتية ولا الصينية، وتريد التغيير ولو عن طريق إقامة حزب عابر للتنظيمات.

لم أكن  قد التقيت بياسر عرفات، وبالرغم من ذلك فقد صنفني بعض الرفاق الجدد كعرفاتي، وهذا حزّ في نفسي كثيرًا، لأنني اختلفت معه بشدة في مختلف المراحل، ودعوت في مستهل نشاطي السياسي إلى تغيير القيادة والسياسة التي تسير عليها.  واختلفت مع أبو عمار، خصوصًا بعد توقيع "اتفاق أوسلو"، ولكن من دون تخوين، وعلى أساس أنه الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، وأننا نختلف معه ولا نختلف عليه، والسبب أنني كنت أطرح رأيًا مخالفًا لا يتفق مع الرأي السائد داخل  الحزب، أو في إطار ما تم تسميته النظام السياسي الفلسطيني، وذلك وفاءً مني لقناعات عميقة لدي، وإيمانًا أنه من دون خلافات، وتجديد ونقد ونقد ذاتي، واستعداد دائم لمواكبة الخبرات والمستجدات والمتغيرات والاستفادة منها؛ لا يمكن التطور وتحقيق الفاعلية المطلوبة لتحقيق أهدافنا وحقوقنا الوطنية.

أذكر أنني في إحدى المرات كتبت مقالًا بعد الخروج من بيروت ونشرته في مجلة "الهدف"، في الوقت الذي كان فيه الجدال محتدمًا بين تيارين مختلفين في الساحة الفلسطينية.  ملخصه أننا يجب أن نركز - نحن المعارضين للقيادة الفلسطينية - على إسقاط نهج الانحراف بدلًا من الجمع كما كان مطروحًا ما بين إسقاط النهج ورموزه، في نفس الوقت الذي نطالب فيه بتحقيق الوحدة الوطنية، لأنه كيف يمكن تحقيق الوحدة مع من نريد إسقاطه.

على إثر هذا المقال، استدعاني قائد كبير احترمه كثيرًا، وقال لي ما الذي كتبته! وتساءل: هل هذا يجسد موقف الجبهة؟ فقلت له: إنني لا أزعم أنه موقف الجبهة.  فقال لي: كيف تكون عضوًا ولا تلتزم بمواقف الجبهة؟ فأجبته: إن الالتزام بحزب لا يعني عبودية وعدم ترك حتى هامش للتعبير عن الاجتهادات الشخصية، وإنما التقاء في التوجه العام وانضباط للقرار بعد صدوره بعد دراسته بعمق والحوار حوله، وأوضحت له أن ماركس وأنجلز ولينين أبو التنظيم الحديدي كان يطرح وجهة نظره ويناظر رفاقه ويناظرونه في جريدة الحزب، التي كانت مثلما وصفت بمنفاخ حدادة هائل قادر على حرق السهل كله.  كما أضفت أن "الهدف"التي أسسها غسان كنفاني كانت تزخر بالكتابات ذات الاجتهادات المتنوعة التي عبر كُتَّابها عن وجهات نظرهم الشخصية.

اتهامي بالعرفاتية إلى جانب بعض من كانوا، أو لم يكونوا، أو أصبحوا بعد ذلك عرفاتيين؛ جاء من بعض الذين لم يميزوا معنى الجمع ما بين الوحدة والصراع في نفس الوقت، أو من المتضررين من الأفكار التي أطرحها، والخشية من اعتمادها من قيادة التنظيم، وذلك بالرغم من أنني لم أكن قد التقيت بأبو عمار إلا من مسافة بعيدة، حيث شاهدته في مهرجان جماهيري، أو أثناء الأعياد الوطنية التي شهدتها "جمهورية الفاكهاني"في بيروت أثناء احتفالات الثورة الفلسطينية بانطلاقتها، التي كانت تصادف انطلاقة حركة فتح في الفاتح من كانون الثاني/يناير من كل عام.

أول مرة التقيت بياسر عرفات كانت بعد عودته إلى طرابلس بعد الخروج من لبنان، وفي ذروة الحرب التي شنت ضده.  كنت قادمًا أنا (نصري عبد الرحمن) وزميلي عماد الرحايمة (عريب الرنتاوي) ومصور وسائق من دمشق، وهذا كان بحد ذاته عملًا فدائيًا، لأن النظام السوري وجماعاته كانوا يحاصرونه بهدف القضاء عليه.

كنا ضمن بعثة مجلة "الهدف"الناطقة باسم الجبهة الشعبية التي رفضت الحرب ولكنها كانت ترتبط بعلاقات حسنة مع نظام حافظ الأسد، وواجهنا الموت المحتم والصواريخ تطير فوق رؤوسنا إلى أن وصلنا إلى مقره لإجراء مقابلة معه؛ تعبيرًا عن تضامننا معه، ورفضًا للحرب التي شنت ضده.  أجرينا معه مقابلة مهمة جدًا، بل تاريخية، كانت مليئة بالأسئلة المحرجة وإثارة القضايا الحساسة، فنحن كنا نريد أن نحمي ظهرنا عند عودتنا إلى رفاقنا، وتخيلنا أننا عدنا بسبق صحافي، وستُنشر المقابلة كاملة في العدد القادم، وستكون صورة "الختيار"على الغلاف.  لنفاجأ بأن هناك في القيادة من يعارض الزيارة وإجراء المقابلة، ويصرّ على عدم نشرها، في المقابل كان هناك من يؤيدها، وانتهى الأمر بمساومة تضمنت نشر بونط صغير (عنوان على زاوية الغلاف)، واختصار المقابلة.

لعل هذه المقابلة جعلت أبو عمار - أكثر من أي شيء - آخر يقدرني ويتحمل نقدي الشديد لسياسته وإدارته التي وصلت أحيانًا إلى وصف عهده بالديكتاتورية والإفساد.  وكما قال لي أكرم هنية، رئيس تحرير جريدة "الأيام": إن أبو عمار كان عندما يعرض عليه الأمن أو غيره تقارير تتضمن ما أكتبه من نقد ومعارضة يبتسم بدلًا من أن يغضب، لدرجة أنهم تصوروا أن هذا الانتقاد أمر مدبر ومتفق عليه بيننا أنا وأكرم وبينه.

ما أثلج صدري أن أكثر من صديق قال لي، أذكر منهم محمد مشارقة (أبو النور) الذي كان محاصرًا مع أبو عمار في المقاطعة، إنه سمعه عندما ذكر اسمي يقول إن هذا شخص هواه فلسطيني ولا يتبع لأحد، ويكتب ما في رأسه من دون إملاءات من أحد وليس لحساب أحد.

المرة الثانية التي التقيت فيها عرفات كانت أثناء حضوري لأول مرة اجتماعًا للمجلس المركزي عقد  عشية اندلاع الانتفاضة الشعبية، وكنت حينها عضوًا في وفد الجبهة، وتم اختياري للمشاركة لأن الموضوع الرئيسي على جدول أعمال ذلك الاجتماع كان الإصلاح الديمقراطي في منظمة التحرير، وقد كتبت وقتها دراسة نُشِرَت في عشرة أجزاء في مجلة "الهدف"؛ لذا يمكن أن يساهم حضوري في إغناء الحوار، وخصوصًا أن التوقعات كانت بأن الدورة ستشهد كسر عظم حول الإصلاح.

وبما أنها المرة الأولى التي أشارك فيها في اجتماع قيادي على هذا المستوى، فقد حضرت كل الجلسات، وواظبت أكثر من أي عضو آخر، لأنني كنت أريد أن أسمع وأستفيد من كل لحظة وكل فكرة ومعلومة، وأترقب متى ستبدأ معركة الإصلاح، ولكن الدورة انتهت والمعركة لم تبدأ، ولكن عندما تستمع إلى راديو "مونت كارلو"كنت تعتقد أن حربًا ضروسًا تدور في المجلس المركزي، وعندما عدت إلى دمشق استدعاني الحكيم، لأنه لم يشارك في الدورة، وأراد أن يستمع لشخص يثق به، فقال لي: ما رأيك في المعركة التي دارت في المركزي حول الإصلاح؟ فأجبته: لم تكن هناك معركة ولا ما يحزنون، فالمعركة كانت في الإعلام، أما في الاجتماعات والعلاقات ما بين القيادات فكانت "سمن على عسل"، ولم نشهد فيها احتدامًا بين اليمين المنحرف واليسار المتطرف، بين أصحاب القبول والرفض.  وقلت للحكيم: إنني صدمت بما رأيت، وكنت أتمنى أن نتقاتل في الاجتماعات وأن نبدو موحدين في الإعلام وأمام شعبنا.

كان حضوري لاجتماع "المركزي"فرصة تاريخية لأرى ما هي المؤسسة الفلسطينية، وكانت لحظة فارقة في حياتي لم أعد بعدها مثلما كنت قبلها. كما كان فرصة لأرى كيف يعمل ويقود أبو عمار، فكان يخرج أثناء الاجتماعات أكثر من مرة لبعض الوقت، ويعود مسرعًا ويوقع الأوراق أو يقرأها، وينقضّ فجأة على شخص ألقى فكرة أو رأيًا لم يعجبه، وكانت فريسته في إحدى المرات قياديًا يساريًا سوفييتيًا تحدث حول أهمية الاعتراف بقرار 242 وبإسرائيل، فنال من أبو عمار ما لا يعجبه من نقد وتقريع.  وأدلى أبو جهاد في الاجتماع تقريرًا بدا فيه واضحًا أن هناك شيئًا ما يلوح في الأفق لم نكن نعرف أنه الانتفاضة، ولكن ما عرضه أبو جهاد يؤشر لما أتى بوضوح شديد.

عندما عدت إلى الوطن أواخر العام 1994، سافرت من نابلس إلى غزة بصحبة أخي سامر صبيحة اليوم التالي الذي صادف عيد الميلاد المجيد، وذهبنا مباشرة إلى المنتدى (مقر الرئيس) وطلبت لقاءه، فسألني الحارس الذي لا يعرفني: هل تريد التقاط صورة مع "الختيار"؟ فأجبته: إنني أريد أن أتناقش معه.  فاستغرب! وعاد ومعه بعض الأشخاص الذين عرفوني، وقالوا لي: أهلًا وسهلًا ... عليك أن تنتظر لبعض الوقت حتى تدخل للقاء الرئيس.  وبعد ساعة ونصف من الانتظار دخلنا إلى غرفته وكان يصلي منفردًا، وبقينا معه في الغرفة بلا حُرّاس، ما أثار استهجاننا أنا وأخي.  وتساءلنا: كيف يتركوننا معه وحدنا، ولو كان ذلك لأنهم يعرفونني، لكنهم لا يعرفون أخي ... أين الأمن المسؤول عن حماية الرئيس؟

بعد التحية، بادرني وقال أين المذكرة؟ متصورًا أنني أتيت أطلب شيئًا، فقلت له إنني جئت لأتحاور حول "اتفاق أوسلو"، فرحب واستمع لملاحظاتي بكل صدر رحب وأضاف عليها ملاحظات من عنده، وهذا أكد لي أن أوسلو بالنسبة له سياسة وليست أيديولوجيا، ووسيلة لتحقيق غاية وليست الغاية، بالرغم من أن التوقيع عليه كان خطأ فادحًا، وعندما أدرك خطأه قال لقد خدعونا وادخلونا الفخ، وعلينا أن نشطب كل ما سبق ونبدأ من الصفر من جديد، ولكنه أدرك ذلك بعد فوات الأوان.  لا يغير ذلك من أنه كان لديه هدف ويريد تحقيقه ومؤمن بإمكانية تحقيقه، ومستعد لدفع حياته على طريق تحقيقه، وخشي من أن يكون مصيره مثل سابقه المفتي الحاج أمين الحسيني الذي قضى قبل أن يحقق شيئًا.  وكان آخر ما ردده عرفات "يريدونني أسيرًا أو طريدًا ... وأقول لهم: شهيدًا شهيدًا شهيدًا".

وعندما ذهبت لأول مرة ضمن وفد من عائلة المصري لتهنئته بحلول أحد الأعياد، وعندما هَمًّ العم أبو ربيح بتقديمي له، بادره بالقول: أتريد أن تعرفني بهاني "بحب أقلّك إنه هاني منا قبل وأكثر ما يكون فردًا من عائلة المصري"، وهذا الأمر أشعرني بأنني لم أضيع حياتي في النضال هدرًا.  وفي لقاء آخر طلبت من أكرم أن يتوسط لي لكي أعين مستشارًا للرئيس وذلك في العام 2003، وتوقع صعوبة ذلك لأن هناك ممن هم حول الرئيس لن يرضيهم وجود شخص مثلي قريبًا منه، وأثناء لقاءي به طلب مني القبول بأن أعين وكيلًا لوزارة الإعلام، وأنا أصررت على موقفي المطالَب بأن أعين مستشارًا، وهذا دفع بعض الحضور للتساؤل: لماذا أرفض أن أصبح وكيلًا وأنا مدير عام وأريد أن أصبح مستشارًا؟ وَفَاتَهم أن الوكيل مثل الوزير عليه أن يلتزم ويدافع عن سياسة الحكومة وعن قراراتها، أما المدير العام فليس ملزمًا بذلك.  كما أنني لا أريد أن يمارس أبو عمار هوايته المعتادة باللعب على الخلافات بين الوزير والوكيل، وبعدها طلبت تقاعدًا مبكرًا من السلطة لأنني وجدت من الصعوبة بمكان أن ترفض واقع السلطة والتزاماتها وسلوكها وتكون موظفًا فيها، وأن تكون كاتبًا من المفترض أن يجسد دور الرائد الذي لا يكذب أهله.

ياسر عرفات له ما له وعليه ما عليه، ولكنه باني الهوية الوطنية الفلسطينية التي تجسدت في كيان وطني جامع، وجعل للفلسطينيين عنوانًا ومؤسسة جامعة، وكلما طال غيابه يزداد الحنين إليه.

كم نفتقد إلى زعامته  في هذه الظروف العصيبة، لا سيّما في ظل الموجة الانتفاضية الحالية الباسلة التي انطلقت يتيمة بلا أب، ولا تزال بالرغم من دخول أسبوعها الثامن بلا أب، وهذا لا يمكن أن يحدث لو كان ياسر عرفات موجودًا.

أختم هذا المقال بما قاله لي جورج حبش حكيم الثورة أكثر من مرة وهو في ذروة خلافه مع منافسه على قيادة الشعب الفلسطيني: "إن عرفات قد يخطئ، وقد يرتكب حتى أخطاء فادحة، ولكنني واثق من أنه لا يمكن أن يخون."

Hanimasri267@hotmail.com

 

 

 

مقالات

من أجل دحر الاٍرهاب في كل مكان

$
0
0
الأحد, 15 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

 

نحن الفلسطينيين ضحايا الاٍرهاب الإسرائيلي منذ عشرات السنين، نعرف جيّدًا معنى أن يعيش الإنسان تحت خطر دائم يهدد حياته.  نستنكر أشد الاستنكار العمليّات الإرهابيّة في باريس، والضّاحية الجنوبيّة في بيروت، وقبلها في تونس والعراق وسوريا واليمن ومصر، وفي الولايات المتحدة الأميركيّة، وفي أي مكان طاله الاٍرهاب، لأننا نعتقد أنّ الاٍرهاب واحد، لا وطن ولا دين له، ولا بدّ من أوسع حملة عالميّة تستهدف القضاء عليه لا تكتفي بالمسيرات والخطابات والمؤتمرات الصحافية، وهذا يتطلب معالجته من جذوره الأيديولوجية والاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة، التي تؤدي إلى تغذية التطرّف والحقد والكراهية، بما فيها معالجة مسألة الهجرة داخل البلدان وخارجها على أسس جديدة، وفضح كل من يولد البيئة التي تفرخ الاٍرهاب وتسمح له بالادعاء أنّه يمثل الإسلام، في حين أن الإسلام بريء من الاٍرهاب.

كما نطالب دول العالم بالكف عن استخدام أدوات الاٍرهاب لتغيير أنظمة في منطقة الشرق الأوسط، وزرع المنطقة بالتحريض الإعلامي الطائفي، بحيث تم تقسيم العالم بين أخيار وأشرار، بين مسلمين ومسيحيين ويهود، والمسلمين بين سنة وشيعة.

إن استمرار الاٍرهاب وتهديده بتوسيع أعماله يدلّ على فشل المقاربة العسكريّة والأمنيّة لمكافحته، وهزيمته ليست ممكنة إلّا من خلال وضع إستراتيجية عالميّة شاملة وواضحة، تسعى لمعالجة كل أسبابه، وتجفيف ينابيعه، وهزيمة أطرافه، ولا تميّز بين إرهاب وإرهاب، ولا بين ضحاياه؛ تبدأ بتبني موقف دولي منسّق، وتكثيف الجهود لمحاربة "داعش"وأخواتها، ولا تستثني إسرائيل، وإنما تشمل مقاومة إرهاب الدولة المتمثل بإسرائيل، وإرهاب المستعمرين المستوطنين العنصريين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بحيث يتم قطع دابر الاٍرهاب بالقضاء على "داعش"وأخواتها، وإجبار إسرائيل على تطبيق القانون الدوليّ وقرارات الأمم المتّحدة ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية.

(نرجو التوقيع لمن يرغب، سواء باسم المؤسسة، أو بالاسم الثلاثي)

***************

 

الموقّعون على البيان حتى الآن (حسب التريب الأبتثي):

الشخصيّات

  1. إبراهيم إسماعيل الغندور
  2. إبراهيم سالم أبو مغيصيب
  3. إبراهيم عدوان
  4. إبراهيم ماجد برغوثي
  5. أحمد أبو عساكر
  6. أحمد أسعد
  7. أحمد إسماعيل الباز
  8. أحمد جوهاري
  9. أحمد حرز الله
  10. أحمد دغلس
  11. أحمد رفيق أبو ضلفة
  12. أحمد زكي
  13. أحمد سعيد نجم
  14. أحمد عبد الله العديني
  15. أحمد محمد عصفور
  16. أحمد يحيى أبو الريش
  17. أحمد يوسف
  18. أحمد يوسف السعداوي
  19. أديب خير جرار
  20. أسامة الحطّاب
  21. أسامة الكحلوت
  22. أسامة شويكي
  23. أسامة محمود الشريف
  24. أسعد عبد الرحمن
  25. إسلام دبور
  26. إسلام مقدادي
  27. أكرم العايدي
  28. أكرم العجلة
  29. ألاء الخضري
  30. آلاء الخليلي
  31. ألفت حمّاد
  32. أمال سلمان الحسنات
  33. أماني الزويدي
  34. أماني ياسين
  35. أمجد فتحي حمودة
  36. أمل المصري
  37. أميرة حنينية
  38. أمين شحرور
  39. أمين صالح
  40. أنس البرقوني
  41. إنعام زقوت
  42. أوس داوود يعقوب
  43. أيام تميمي
  44. إيمان طاهر
  45. إيمان عبد الرحمن
  46. أيمن المدهون
  47. أيمن غانم
  48. إيناس حميد عياش
  49. إيهاب أنور حرز الله
  50. باسل أحمد محمد
  51. باسل نبيل العاجز
  52. باسم فهمي حلّس
  53. باسم نعيم
  54. بدر جمال أبو جبل
  55. ‏براء الشعيبي‏
  56. بسام درويش
  57. بسام فخر سيد أحمد
  58. بشار رمضان
  59. بشار ضراغمة
  60. بشير سلامة
  61. بلال الشخشير
  62. بلال عوّاد سلامة
  63. بهاء عبد الله الشطلي
  64. بهاء محمد مطر
  65. بهاد الدين غبن
  66. بهجت خليل الحلو
  67. بيان حمد
  68. توفيق أبو جراد
  69. توفيق بسيسو
  70. تيسير أبو طير
  71. تيسير علي الزابري
  72. جبريل محمد جحشان
  73. جلال سعدي أبو نحل
  74. جلال قسيس
  75. جمال زقوت
  76. جمال مصلح
  77. جميل السلحوت
  78. جميل هلال
  79. جواد عقل
  80. حاتم علي
  81. حازم عوني  الصوراني
  82. حبيب ماء العينين مصباح
  83. حجازي محمد القرشلي
  84. حسام العطار
  85. حسام زملط
  86. حسام ناصر
  87. حسن بزلميط
  88. حسن عاطف نصار
  89. حسن عبدو
  90. حسن نايف
  91. حسني سيمية
  92. حكيم نصر أبو كرش
  93. حلمي حمدان
  94. حمد جمال المصري
  95. حمدي حسين
  96. حمدي ضراغمة
  97. حمزة الطويل
  98. حنان أحمد صيام
  99. حنان عتّال
  100. حنان عشراوي
  101. حيفا البيومي
  102. خالد الأدهم
  103. خالد شاور التميمي
  104. خالد محمد المدهون
  105. خضر عطية خضر محجز
  106. خلود محمود البحيصي
  107. خليل شاهين
  108. دعاء عدنان الديراوي
  109. رامي جميل موقدي
  110. رامي حسين الشرافي
  111. رامي رشيد يوسف
  112. ‏رامي عموري‏
  113. ردينة روحي  الطناني
  114. ردينة طنينة
  115. رزق صقر
  116. رشا عوض مسمح
  117. رشاد طعمة
  118. رضوى أمين
  119. رغدة حمدونة
  120. رندة الطاهر
  121. رهام منصور القيق
  122. رياص عبد الكريم عواد
  123. ريما شبيطة
  124. زاهر الغول
  125. زكي ياسين
  126. زهيرة زقطان
  127. زياد أبو الهيجاء
  128. زياد العّتال
  129. زياد النيرب
  130. زياد دهليز
  131. زين الدين بسيسو
  132. سامر عدنان المصري
  133. سامر عنبتاوي
  134. سامي الكيلاني
  135. سامي موسى البهداري
  136. سائد زياد
  137. سعد شلالدة
  138. سعد عبد الهادي
  139. سعيد زيد
  140. سفيان نبيل بدر
  141. سلام سعيد الزاغة
  142. سلطان أحمد
  143. سلطان ياسين
  144. سليمان اللوح
  145. سمر هواش
  146. سمية مصباح فيومي
  147. سمير عبد الهادي
  148. سمير عدنان
  149. سمير عوض زقوت
  150. سمير محمد أبو شاويش
  151. سناء صالح سوداح
  152. سهير جريس
  153. سوزان أبو حليب
  154. سونيا الشابي
  155. شادي قمحية
  156. شادي محمد
  157. شاريناز الخالدي
  158. شداد "أحمد رشاد"العتيلي
  159. صابرين عبد العزيز الغول
  160. صالح أبو أصبع
  161. صبحي عفيفي
  162. صدقي الأشقر
  163. صفاء عبد الله الشطلي
  164. صلاح الدين أبو حمدية
  165. صلاح الوادية
  166. صلاح عبد العاطي
  167. صلاح محمد أبو صلاح
  168. طارق فياض خضر
  169. طلال حمّاد
  170. طلال محمد فرج
  171. ظافر عفيف النوباني
  172. ظافر موسى الخطيب
  173. عابد محمد عابد
  174. عادل الصيفي
  175. عاكف محمد المصري
  176. عامر ياسين
  177. عاهد غانم
  178. عائدة فتحي أبو مزيد
  179. عبد الإله خليل الأتيرة
  180. عبد الحميد البرغوثي
  181. عبد الرحمن بسيسو
  182. عبد الفتاح شحادة
  183. عبد الله الحلبي
  184. عبد الله جمال أبو الهنود
  185. عبير لبادة
  186. عدنان السعداوي
  187. عدنان المصري
  188. عدنان خالد ملحم
  189. عدنان محمود الفقعاوي
  190. عدي الهندي
  191. عريب الرنتاوي
  192. عز الدين خالد علي
  193. عصام عاروري
  194. عصام عزّت
  195. عصام فتحي أبو بكر
  196. عصام قصراوي
  197. عصام ميسرة عريف
  198. عصام واكد
  199. عطا الله عبد العزيز الزويدي
  200. عطا زويدي
  201. علا حسن اسعيد
  202. علا سامي المصري
  203. علاء ناصر الرمحي
  204. علاء يونس حمودة
  205. علي أبو حبلة
  206. علي أبو سمرة
  207. علي أبو هلال
  208. علي حسن نصر الله
  209. علي ناصر
  210. عماد أسعد
  211. عماد الكيلاني
  212. عماد زيتون
  213. عمرو حسونة
  214. عون جودت شعشاعة
  215. عيسى أبو شرار
  216. عيسى برهم
  217. عيسى سمندر
  218. غادة الطاهر
  219. غادة عبد السلام بدوان
  220. غازي كمال أبو كشك
  221. غسان زقطان
  222. غسان زكارنة
  223. ‏غسان سليم‏
  224. غسان طارق الخالدي
  225. غسان عبد الرحمن السفاريني
  226. غسان يوسف عوض
  227. فاتن فرحات
  228. فاطمة نزال
  229. فايز محمد أبو شمّالة
  230. فتحي أبو مغلي
  231. فرح لبادة
  232. فضل عاشور
  233. فؤاد المملوك
  234. فؤاد مغربي
  235. فيحاء قاسم عبد الهادي
  236. كرم طنوس
  237. كمال مقبول
  238. لطفي نصري
  239. لين المصري
  240. لينا الأغبر
  241. ماجد أبو عجرم
  242. ماجد التري
  243. ماجد عباس هديب
  244. ماجدة المصري
  245. مازن الصلح
  246. مازن العناني
  247. ماهر منصور
  248. مجدي أبو دقة
  249. مجدي القيسي
  250. مجدي شقورة
  251. محسن عدنان أبو رمضان
  252. محمد أبو عمرة
  253. محمد ارشيد
  254. محمد أكرم الأعرج
  255. محمد التلولي
  256. محمد الرفاعي
  257. محمد النجار
  258. محمد حسن ديب
  259. محمد حسن ديب
  260. محمد حسني عبد الرحمن
  261. محمد حمروني
  262. محمد خالد الطلاع
  263. محمد خضر قرش
  264. محمد خميس البوبو
  265. محمد دهمان
  266. محمد سليم
  267. محمد شقورة
  268. محمد طومان
  269. محمد عارف أبو سمرة
  270. محمد عبد الحكيم قلجة
  271. محمد عبد القادر عبد الرازق
  272. محمد عبد الله العبد الله
  273. محمد عبد الله سرور 
  274. محمد عقل المجدلاوي
  275. محمد عمر ملاح
  276. محمد غضيّة
  277. محمد مرزوق المدني
  278. محمد نصر
  279. محمد نمر قنيطة
  280. محمود إبراهيم البنا
  281. محمود إبراهيم الزنط
  282. محمود أبو عين
  283. محمود الزق
  284. محمود العلامي
  285. محمود عادل جابر
  286. محمود عبد الفتاح عدوان
  287. محمود محمد الدراويش
  288. مراد عصام المصري
  289. مروان عبد العال
  290. مروان علي الكفارنة
  291. مريم أبو دقة
  292. مزنا عبد المجيد
  293. مصطفى الأشقر
  294. مصطفى محمود أبو شرخ
  295. معاذ موسى الجندي
  296. معتز بشير دلول
  297. معمر شفيق جاموس
  298. معمر عرابي
  299. معين الطاهر
  300. معين رباني
  301. مكيسمان جابر
  302. منال عواد
  303. منجد أبو جيش
  304. منذر القُرّي
  305. منذر بهاني
  306. منصور أبو كريم
  307. منى ياسين
  308. مها محمود أبو سمرة
  309. مهدي عبد الهادي
  310. مهند عبد الباري
  311. مهيار القطامي
  312. مهيب عوّاد
  313. موسى العبادلة
  314. موسى هشهش
  315. مي بسيسو
  316. ميساء أبو غانم
  317. ميساء أبو غنام
  318. ميساء الخطيب
  319. ميسر الحسنات
  320. ميسون زياد الحسيني
  321. ناريمان ماجد أبو دقة
  322. ناصر إبراهيم عبد الهادي
  323. ناصر أبو عميرة
  324. ناصر فؤاد الطيب
  325. ناصر محمود الخطيب
  326. ناصر مطر
  327. نافذ عليان
  328. ناهض حماد
  329. ناهض منير خلف
  330. نايف عبد الرحيم جراد
  331. نائل أبو مروان
  332. نبيل أبو لبن
  333. نبيل البكيلي
  334. نبيل دياب
  335. نزار عبد الفتاح مدموج
  336. نسرين طه
  337. نضال مخلوف
  338. نضال منير سختيان
  339. نعمان فيصل
  340. نعمة عبد الرحمن الغصين
  341. نهاد خلف
  342. نورهان البواب
  343. هاني إسماعيل
  344. هاني المصري
  345. هاني جودة
  346. هاني حبيب
  347. هاني عبد الرحمن اللوح
  348. هنادي جمال أبو شاويش
  349. هويدة الدريملي
  350. هيثم عبد الهادي
  351. وائل أحمد أبو الشيخ
  352. وائل الأحمد
  353. وجدي أبو عبيد
  354. وجيه أبو ظريفة
  355. وديع أبو هاني
  356. وصال روحي الطناني
  357. وليد الزيد
  358. يحيى بركات
  359. يسري درويش
  360. يعقوب دواني
  361. يوسف ترتوري
  362. يوسف سامي
  363. يوسف سمير ظاهر
  364. يوسف فخر الدين

المؤسسات

  1. اتحاد العمال والشغيلة الفلسطينيين
  2. اتحاد لجان كفاح الطلبة
  3. اتحاد لجان كفاح المرأة
  4. جمعية أحلام لاجئ
  5. شركة بيت جالا لصناعة الأدوية
  6. شركة سختيان إخوان
  7. لجان حق العودة - الدنمارك
  8. اللجنة الوطنية لشؤون الشعائر
  9. لجنة فاقدي الأوراق الثبوتيه في لبنان
  10. لجنة فلسطين للتكافل - ستوكهولم
  11. مركز الأرض للدراسات والسياسات
  12. المركز الفلسطينيّ لأبحاث السّياسات والدّراسات الإستراتيجيّة (مسارات)
  13. مركز د. حيدر عبد الشّافي للثقافة والتنمية
  14. المنتدى الاجتماعي التنموي
  15. مؤسسة نساء من أجل القدس

 

 

 

 

 

 

 

بيان

السياسة المُشتَبِكَة والحراك الاجتماعي

$
0
0
الأحد, 15 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

يكمن التحدي الرئيسي لموجة الغضب الحالية في الأرض المحتلة في كيفية حمايتها من أن تصبح وسيلة وأداة بيد السلطات لتفريغ غضب الشباب المنتفض، بالإضافة لحمايتها من أن تُستخدم كورقة في "مفاوضات"مقبلة بائسة. لكن مَن الذي يصونها ويحميها وكيف؟ فالشباب المنتفض، وبالرغم من كل العنفوان والإصرار، فإن الحقيقة المرّة تبقى بأن مخزون طاقته محدود بنهاية المطاف، وقدرته على الاستمرار والعطاء اللامحدود ستُستنزف تدريجياً. وللأسف فالحقيقة المرّة الأخرى أن الموجة الانتفاضية الحالية ستحقق جزءاً صغيراً فقط من حلم التحرر. فالمسيرة نحو الهدف الأسمى أطول وأشقى. والحقيقة الثالثة تتمثل بأن استدامة الاشتباك تتطلب بوتقة نضالية واحدة لتوجيه وتنسيق جهود الاشتباك من أجل توسيع رقعة فعاليتها وحجم تأثيرها. وبالتالي، فالسؤال الجوهري يتمثل في صيرورة هذا الاشتباك والغضب في مواجهة الاستعمار والاضطهاد والقمع متعدد التدرّجات، ولكن وفي نفس الوقت، فالمطلوب هو حماية تضحيات الشباب المنتفض من "الاستثمار"من قِبَل "النخبة السياسية التقليدية"البعيدة كل البعد عن نبض الشارع. هذه "النخبة السياسية التقليدية"غير قادرة وغير راغبة في حماية وصون موجة الغضب المتفجّرة الآن. فقيادة السلطة الفلسطينية تنتظر بفارغ الصبر نفاد وقود الشباب المنتفض، وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية منشغلة بتجاذبات القوى وبمن سيخلف عبّاس، وحركتا فتح وحماس تلهثان وراء أي شيء من شأنه أن يديم الانقسام والتفتت الفلسطيني، واليسار الفلسطيني ما زال ضائعاً وحائراً ورافضاً لاغتنام الفرصة تلو الفرصة لأخذ زمام المبادرة وتشكيل تيار بديل للأطراف المتخاصمة وملء الفراغ السياسي الموجود. وبموجب استطلاع رأي نفذه مركز العالم العربي للبحوث والتنمية وصدرت نتائجه أخيراً فإن أكثر من ثلث الفلسطينيين لن يشاركوا في تظاهرات إذا ما دعت لها حركتا حماس أو فتح مع أن ثلثي الفلسطينيين أشاروا إلى أنهم يؤيدون اندلاع انتفاضة ثالثة بموجب هذا الاستطلاع. كذلك فإن أكثر من ثلث الفلسطينيين لا يرون بأن الأحزاب الموجودة الآن على الساحة الفلسطينية قادرة على تمثيل وجهة نظرهم وتطلعاتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية. إذن فمرة أخرى ترسب الفصائل في الاختبار، وتفشل "القيادة الفلسطينية"، بل وتطعن شعبها وتجذر حالة التشرذم القاتل. هذه المؤشرات الدالة على عجز "القيادات الفلسطينية التقليدية"متوفرة في الساحة الفلسطينية منذ خمسة أعوام على الأقل، إلاّ أن هذه الفرصة لم تُستغل بعد بشكل مقنع ومجد من قِبَل "القيادات والطرق غير التقليدية". بالطبع هذه العملية التغييرية والتحولات البنيوية والتكتيكية تتطلب وقتاً من الزمن وموارد عدة وإصراراً وفرصاً سياسية. لكن يجدر هنا الرجوع إلى تأطير وتحليل الأستاذ خليل شاهين والذي يحاجج في ورقة سياساتية صدرت مؤخراً عن مركز مسارات بأن الموجة الانتفاضية الحالية هي "وليد جديد لأشكال من العمل الشعبي أخفقت المنظومة التقليدية للعمل السياسي الرسمي والحزبي في قراءة دلالاتها وصيرورتها وتأثيراتها. أي أنها ليست معزولة عن منظومات وأشكال من التعبير السياسي والفعل الشعبي الآخذ بالتشكل والتطور منذ سنوات عدة خارج إطار الممارسة السياسية السلطوية والحزبية التقليدية". بناء على ذلك فإن "أدوات التحليل التي أنتجها الفكر السياسي التقليدي، بما أفرزه من هياكل سياسية وتنظيمية ومؤسساتية، وممارسة سياسية، لم تعد تصلح لتفسير سياق واتجاه الفعل المقاوم الذي يتصدره اليوم جيل شاب يعمل خارج إطار هذه المنظومة، بل وبالتمرد عليها". وبالتالي، واستناداً إلى شاهين، فقد "شهدت السنوات الماضية تطورَ مسارٍ جديدٍ لا يؤمن بإعادة بناء الحركة الوطنية كمدخل لبناء وتطوير برامج العمل، بل يرى أن استقطاب أوسع الفئات من الفاعلين ضمن منظومات من برامج العمل التشاركية هو المدخل لإعادة بناء الحركة الوطنية، من خلال التركيز على شق مسار جديد يبني على ما يجمع الفلسطينيين في الوطن والشتات، أي الحقوق التاريخية والطبيعية للشعب الفلسطيني". الأمثلة على ذلك ليست بالقليلة ولكن أبرزها، بحسب شاهين، حركة المقاطعة لإسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وحركة حق العودة، ولجان مواجهة الجدار والاستيطان، والمجموعات الشبابية المتعدّدة كالتي نشأت في السنوات القليلة الماضية مع بدء الحراكات والانتفاضات العربية. أحاجج هنا بأن إدراك هذا التحول هو غاية في الأهمية من أجل البناء على ما يجري اليوم في الأرض المحتلة واستغلال هذه اللحظة المواتية لتوفير بعض الإجابات الفعلية والعملية للسؤال دائم التكرار: ما هو البديل؟ البديل قيد التشكل وهو ليس وليد اليوم أبداً إلاّ أنه ما زال يافعاً في طور التشكل كالشباب المنتفض. ومن دون إسناد حقيقي جمعي فإن اندثار هذا الحراك في المستقبل القريب يلوح في الأفق. ولتجنب انكسار جديد يزيد من الإحباط والتخبط يجدر بالقيادات الفلسطينية غير التقليدية التحرك الآن من أجل توحيد الجهود للوصول إلى استراتيجية نضالية عملية تولد ولا تستنزف الطاقات والجهود. إن المسؤولية كبيرة على عاتق هذه القيادات غير التقليدية ولكنها ممكنة وضرورية والفرصة متاحة وإن كانت صعبة، لكن لحظات "التحول التاريخي"لم تكن أبداً سهلة على مرّ العصور والأزمان. فالمطلوب على الصعيد الآني الاستمرار في حلقات الاشتباك السياسي وغير السياسي لرفد مخزون الاشتباك عن طريق الانضواء في جهد اشتباكي تشاركي جمعي متعدد الجبهات. هذه الجهد الاشتباكي لا يقتصر على الاشتباك الفعلي على الحواجز العسكرية فقط بل يمتد أيضاً إلى النواحي السياسية والاقتصادية - كالمقاومة الاقتصادية- والإعلامية والخطابية والاستراتيجية التخطيطية والتكتيكية. فالاشتباك - بمعناه الواسع- كنهج حياة هو القادر على تغيير معادلات القوة والوقائع على الأرض ومسارات المستقبل. هذه الحراكات هي تمثيل فعلي لمعنى السياسة الُمشتَبِكَة والتي تقوم على توحيد جهود الفاعلين الُمشتَبِكين الذين يتحدون ويجادلون السلطات والنخب وادعاءاتهم التمثيلية. غير أنه من أجل التحول من حالة الغضب الُمشتَبِكَة إلى حالة حراك اجتماعي ممثل للمجتمع الفلسطيني ككل "كمجتمع حراك اجتماعي"، فإن المطلوب هو البناء على الشبكات الاجتماعية الموجودة لتوحيد الأهداف الجمعية بجهد اشتباكي يبني على ثقافة التحرر من الاستعمار ويؤسس على ضرورة تحدي السلطات القمعية والنخب المستبدة. هذه الشروط الاستباقية كفيلة - وإن لم تكن العلاقة بهذا القدر من الخطية المباشرة على أرض الواقع كما يمكن أن تفترض النظرية- بأن تحوّل موجة الغضب الحالية إلى حالة اشتباك دائمة مع المستعمِر تجعل المستعمَر أقرب إلى الحرية والانعتاق وتقرير المصير. قال نيلسون مانديلا يوماً: "عندما ينهض الشباب فهم قادرون على هدم أبراج الظلم والاضطهاد ورفع رايات الحرية". صحة هذه المقولة أثبتتها العديد من حركات التحرر الوطني على مدى التاريخ، بما فيها الثورة الفلسطينية في أوجها، كما أثبتت هذه الحركات أيضاً بأن الأرض لمن يفلحها والتاريخ لمن يكتبه والثورة لمن يصنعها. 

مقالات

الاعتداءات الإرهابية الأخيرة ... مراجعة نقدية

$
0
0
الأحد, 15 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

تبنى تنظيم "داعش "المسؤولية  عن  تحطيم الطائرة الروسية فوق سيناء المصرية ’ وعن تفجيرات برج البراجنة في لبنان , وأخيرا عن التفجيرات الستة في العاصمة الفرنسية باريس . كل هذه العواصف الإرهابية حدثت منذ مطلع شهر نوفمبر الحالي .

        لا شك ان التوقيت لهذا الطاعون الأسود يعود  في الأساس الى شدة ضربات الطيران الروسي الحربي في سوريا مضافا الى الإنجازات الحاسمة التي يحققها الجيش السوري  وحلفاؤه على مختلف الجبهات .جاءت تلك التفجيرات المتتالية لتعبر عن :

  1. إفلاس الإرهابيين في جبهات القتال الدائرة على الساحتين السورية والعراقية
  2. وجوب  إيصال رسالة قوية الى كل من روسيا , حزب الله , وفرنسا التي بدأ طيرانها الحربي في المشاركة في القصف على مراكز الإرهابيين في سوريا .  وكأن  التنظيم الإرهابي يقول للجميع ان لا سلامة لبلدانكم  ولا لمواطنيكم  اذا استمريتم في مقاتلتنا .
  3. قدرة التنظيم الإرهابي على الوصول الى أي مكان في العالم , وقدرته التقنية  

والاستخبراتية , وجاهزيته على اختراق الحدود . وهو بالفعل تنظيم إرهابي دولي .

 

من جهة أخرى لا بد من الإشارة الى الردود الرسمية والشعبية العالمية , ردود استنكار وشجب , ومطالبة باتخاذ تدابير قاسية ومناسبه لهذه الموجة من الطاعون الأسود العالمي .وبمناسبة الردود  فانها كانت تعبر عن مشاعر إنسانية عميقة وصادقة , صحيح انها كانت  اكثر وضوحا تجاة تفجيرات باريس منها من تفجيرات لبنان . مثلا على الصعيد العربي سارع الرئيس السبسي \ تونس \ الى التوجه الى فرنسا معزيا , وهذه لفتة إنسانية كريمة , لكن ألا يستحق أبرياء لبنان مثل تلك الالتفاتة الإنسانية التضامنية !!. كذلك شعوبنا العربية أضاءت الشموع تضامنا مع ضحايا فرنسا الأبرياء ولكنها تجاهلت , ربما عن غير قصد, ضحايا لبنان .

بعد هذه الاعتداءات الاجرامية  الطازجة من قبل "داعش "  الا يحق لنا ان نسال ما العمل لمنع مثل هذا الاجرام ؟ وما هي الخطوات المطلوبة لقلع جذور الإرهاب من العالم  كله ؟؟ . قبل الإجابة على مثل هذه التساؤلات المحقة لا بد من ادراك ان هذه التنظمات الإرهابية هي حركة عالمية حسنة التنظيم والتمويل والتسليح , وهي لا تضم , كما يعتقد البعض . مجموعة من الرعاع والمشاغبين او الغاضبين , سياسيا , او دينيا

او احتاعيا اواقتصاديا , بل هم جماعة من الخبراء العسكريين والفنيين والتقنيين الذين تم تدريبهم منذ سنوات يمكن تأريخها الى فترة السبعينيات من القرن الماضي يوم غرق الاتحاد السوفياتي السابق في حربه في أفغانستان . في هذه اللحظة تقدم المال السعودي والتدريب الأمريكي في تكوين ما عرف انئذ  "بالمجاهدين  "الذين توالدوا , بعد الحرب الأفغانية . ما سمي بتنظيم "القاعدة " . وهذا هو التنظيم الحالي ومشتقاته تحت مختلف التسميات هو الذي يقود حروبه الإرهابية في كل من سوريا والعراق وليبيا ونيجيريا وغيرها من بلدان العالم . هو نفس التنظيم الإرهابي , وهم نفس المموليين , ونفس المشرفين تدريبا وتسليحا واحتواءا .

إذا اخذ المعنيون بهذا المنطق تكون بوصلة محاربة الإرهاب قد وجدت مسارها واتجاهها الصحيحين  , ويمكن وقتها التوجه الى لب المشكلة وليس الى ظاهرها , ويكون واضحا ان قطع راس الافعى هو المطلوب وليس ذيلها .

والان بعد كل ما جرى و لمنع ما قد يجري من اجرام إرهابي ليس احد في العالم يملك حصانة ضده , ما العمل ؟؟ السؤال أولا على أمريكا ان تجيب عليه وتفسر لنا كيف لم يستطع التحالف الستيني من هزيمة الإرهاب في العراق . من يعرف العراق يعرف ان مساحات شاسعة من الأراضي التي يحتلها الإرهاب هي أراضي مفتوحة  ومكشوفة , فيها تسرح القوافل العسكرية والتموينية والتجارية التابعة للارهاب تحت سمع وبصر الأقمار الصناعية الامريكية التي بإمكانها التقنية مراقبة دبيب النمل , لماذا اذن لا تقصف قوات التحالف الغربي هذه الامدادات والتحركات الحربية الإرهابية ؟؟ هل يمكن القول إن هناك مصلحة أمريكية ؟؟ .

والسؤال السابق نفسه نوجهه الى الدول الأوروبية  وفرنسا على وجه الخصوص . لقد كانت فرنسا اكثر الدول الأوروبية , بعد السعودية العربية , الحاحا على تنحي الرئيس السوري الوجيد الذي حذر الأوروبيين بان الإرهاب سيضربهم في عقر دارهم , وكان ذاك التحذير قبل ثلاث سنوات . فهل تبقى فرنسا وبعض زملائها الأوروبيين تعتبر تنحية الأسد أولوية على محاربة الإرهاب ؟ لقد تعهد الرئيس الفرنسي وكذلك رئيس وزرائه بحرب لا هوادة فيها . والسؤال هنا هو : اذا تعارضت هذه الحرب الموعودة مع المصالح الامريكية هل ستبقى فرنسا وفية لتعهداتها ؟؟  

وليس آخرا يمكن توجيه نفس السؤال الى الشقيقة الكبرى مصر , وهي تخوض حربا ضروسا في سيناء وفي الداخل ضد المجموعات الإرهابية , وتكتوي بنار الإرهاب على كل المستويات الاقتصادية والسياحية والعسكرية . هل تستطيع مصر ان تشارك العالم في قطع راس الافعى عن طريق بطولات قواتها المسلحة أولا وعن طريق الابتعاد عن هؤلاء الممولين والداعمين للارهاب ؟ املنا في مصر الام كبير .

 

مقالات

ملاحظات على هامش ذكرى "إعلان الاستقلال"‎

$
0
0
الاثنين, 16 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

 

مرّت الذكرى السابعة والعشرين لإعلان الاستقلال، ولولا العطلة الرسمية وبعض الاحتفالات والتصريحات المتواضعة حول هذه المناسبة لمرّت دون أن يلتفت إليها أحد، وهذا أمر طبيعي، لأن "إعلان الاستقلال"الذي أصبح ممكنًا بفضل الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في كانون الأول 1987 كان يستند إلى رؤية أن تجسيد الاستقلال بات قريبًا وأن الدولة الفلسطينية باتت على مرمى حجر.

كنت من مؤيدي "إعلان الاستقلال"دون وهم أن تجسيده بات قريبًا.  والسؤال الآن بعد مرور كل هذه السنوات: هل لا يزال هذا الإعلان ساري المفعول، أم فقد أهميته وجدواه؟

ما يطرح هذا السؤال فرض إسرائيل لحقائق احتلالية واستيطانية وعنصرية، وموت ما سمّي "عملية السلام"، الأمر الذي يجعل إقامة الدولة الفلسطينية أمرًا شبه مستحيل على الأقل في المدى القريب.

إن تغيّر الظروف والأحوال الفلسطينية والإسرائيلية والعربية والإقليمية والدولية القائمة الآن عمّا  كانت عليه حين "إعلان الاستقلال"يعيد طرح هذه القضية للنقاش مجددًا.  فقد كنّا في حال أفضل بكثير مما عليه نحن الآن، في أيام الحرب الباردة وصراع القطبين الاشتراكي المناصر للشعوب والرأسمالي المعادي لها، وأيام التضامن العربي، وحينما كانت منظمة التحرير الكيان الوطني الذي يمثل جميع الفلسطينيين، وحاملة راية حركة التحرير العالمية بعد أن استلمتها من فيتنام المنتصرة، وفي ظل وجود مؤسسة وطنية جامعة، وقيادة وأهداف واحدة، وشعب واحد، وقضية واحدة، وأرض واحدة.

وأصبحنا نعيش في عصر العولمة في ظل سيطرة النظام السياسي الواحد، الذي كان تحت سيطرة قطب واحد، وأصبح الآن متعدد الأقطاب.  هذا النظام الرأسمالي الاستغلالي الجشع الذي ينمّي المصلحة والفردية على حساب كل شيء، ما جعل الصراع بين الأقطاب المتعددة ليس صراعًا بين معسكر قوى التحرر والتقدم والاشتراكية ومعسكر قوى الاستعمار والاستغلال والرأسمالية والصهيونية والرجعية، بل صراع على من يحقق مكاسب ونفوذ أكثر مهما كان الثمن.

لقد بتنا نعيش في عصر التردي والهوان والشرذمة العربية وتوغل إسرائيل وصعود أنظمة إقليمية تتنافس فيما بينها وبين الدول الكبرى على تقاسم مصالح ومناطق النفوذ.

السؤال بعد هذه التجربة وما كشفته وأوجدته من حقائق: هل كان طرح شعار الدولة و"إعلان الاستقلال"صائبًا، أم خاطئًا من الأساس، أم كان صائبًا ولكن السياسة والأدوات التي اعتمدت لتحقيقه هي الخاطئة، أم أن مثل هذا البرنامج لا يمكن إلّا أن يؤدي إلى مثل هذه النتائج؟

أصحاب وجهة النظر التي ترى بخطئه منذ البداية، يَرَوْن أن من طرح برنامج "الدولة والعودة وتقرير المصير"كان يعرف منذ البداية أنه كان مقبلًا على مقايضة بين الدولة وحق العودة، لأن إسرائيل لا يمكن أن تقبل إقامة دولة على الأراضي المحتلة العام 1967، وتوافق في نفس الوقت على عودة اللاجئين، ما يعني إنهاء كونها دولة "يهودية"، لأن تدفق ملايين اللاجئين أو مئات الآلاف منهم يعني نزع الصفة "اليهودية"عن إسرائيل خلال سنوات قليلة، أو خلال فترة أطول، وفقًا لعدد اللاجئين الذين سيعودون.

بالرغم من صعوبة الجزم بأن القيادة الفلسطينية عرفت منذ البداية أنها مقبلة على تلك المقايضة، ولكن من المؤكد أنها انتهت إليها، بل انتهت في الحقيقة إلى أقل منها.  

في ضوء تراجع إسرائيل عن "اتفاق أوسلو"كونه - بالرغم من بؤسه الشديد - أعطى الفلسطينيين من وجهة نظر إسرائيلية راجحة أكثر مما يستحقون، أو يستطيعون الحصول عليه، كما ظهر في اغتيال رابين، ومجيء حكومات إسرائيلية متتالية كانت ترفض تباعًا الموافقة على تطبيق الالتزامات الإسرائيلية في أوسلو كما  ظهر في البداية من خلال مطالبتها بدمج مستحقات المرحلتين الانتقالية والنهائية؛ فبدلًا من تجاوزه على أساس القاعدة القانونية المعروفة "المعاملة بالمثل، وأنك غير ملزم بأي اتفاق في حال لم يلتزم الطرف الثاني بالتزاماته"، قدّم الفلسطينيون تنازلات جديدة مقابل ما يمكن أن يحصلوا عليه، لأن التنازلات التي قُدّمت في أوسلو بالرغم من أهميتها وخطورتها التاريخية أصبحت من الماضي، بينما لسان حال إسرائيل يقول "هل من مزيد".

لمعالجة هذه التطورات السلبية للغاية، اعتقدت القيادة الفلسطينية أن بإمكانها التغلب عليها عبر تقديم المزيد من التنازلات، الأمر الذي أدى إلى العكس تمامًا، إلى فتح شهية إسرائيل لهضم تلك التنازلات والمطالبة بالمزيد منها، إضافة إلى وضع شروط تعجيزية لتبرير عدم تقديم أي شيء للفلسطينيين، مثل الاعتراف بإسرائيلية كدولة "يهودية".

إذا رصدنا محطات ومراحل التنازلات سنجد أنها بدأت بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، ونبذ "العنف والإرهاب"حتى بأثر رجعي، والالتزام بتطبيق الاتفاقيات، حتى ولو من جانب واحد، ثم التساهل إزاء عدم تطبيق إسرائيل لالتزاماتها في الفترة الانتقالية، على أساس وهم بأن ما لا نأخذه بالمفرق في المرحلة الانتقالية سنأخذه بالجملة في الاتفاق النهائي.

في هذا السياق، بلعت القيادة الفلسطينية انتهاء المرحلة الانتقالية من دون تطبيق الالتزامات الإسرائيلية، ومن دون التمسك بالسقف الزمني للتوصل إلى اتفاق نهائي، واعتبار تجاوزه بداية لمرحلة جديدة مختلفة جذريًا عن سابقتها، بل تمسكت القيادة باستمرار المرحلة الانتقالية لمدة عام جديد في البداية، ولفترة غير محدودة فيما بعد، وجدنا فيها المزيد من التنازلات التي تمثلت بالموافقة على "معايير كلينتون"لحل قضية اللاجئين التي فرّغتها من مضمونها تمامًا، وبعد ذلك الموافقة على ما جاء في "مبادرة السلام العربية"من حل متفق عليه لقضية اللاجئين، ولم تنفع هذه المرونة رغم الموافقة على مبدأ "تبادل الأراضي"، الذي يسمح بضم الكتل الاستيطانية ومعظم المستوطنات المقامة في القدس الشرقية إلى إسرائيل، على أساس أن "الأحياء اليهودية" (أي المستعمرات الاستيطانية) تُضَم لإسرائيل، بينما تضم الأحياء العربية للدولة الفلسطينية.

انتهت مسيرة ما يسمى "عملية السلام"إلى تنازلات فلسطينية بالجملة والمفرق، واتجاه إسرائيل في المقابل نحو المزيد من التطرّف، حتى عن مسألة إقامة دويلة فلسطينية مسخ على جزء من الأرض المحتلة، لدرجة أن بعض الوزراء في الحكومة الحاليّة لا يعترفون بوجود شعب فلسطيني، ولا في حقه في إقامة أي نوع من أنواع الكيان السياسي، ولو أقل من دولة، مثل حكم ذاتي محدود أو موسع.

ما سبق يطرح إجراء مراجعة عميقة وشاملة، بما فيها لبرنامج "الدولة والعودة وتقرير المصير"لتحديد: هل هو برنامج صحيح أم لا، أو أنه كان صحيحًا وتجاوزته الأحداث، أم لا يزال صحيحًا بينما الإستراتيجية التي اعتمدت لتحقيقه (إستراتيجة المفاوضات والعمل الديبلوماسي وإثبات حسن النية والجدارة وبناء المؤسسات والدولة تحت الاحتلال) هي الخاطئة، وأن اعتراف المجتمع الدولي والأمم المتحدة بإسرائيل وعدم اعترافهما باحتلال الضفة والقطاع يسمح بطرح برنامج يستهدف تحريرهما بصورة تسبق التوصل إلى الحل الجذري التاريخي للقضية الفلسطينية.

ما منع قيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وتجسيد حق العودة والحق في تقرير المصير هو الاختلال الفادح في ميزان القوى، وكون الاحتلال مربحًا جدًا لإسرائيل، وهو كذلك الذي يمنع إقامة دولة واحدة مهما كان شكلها.  إسرائيل عارضت إقامة الدولة، وهي ستعارض إقامة الدولة الواحدة بشكل أكبر، ولمن يقول إن الدولة الواحدة قائمة أو الدولة الفلسطينية على مرمى حجر نقول لكليهما: حيلكما .. يبدو أننا نعيش في عوالم وبلدان مختلفة.  فإسرائيل دولة بنظامين ولا تعطي الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال حقوقه، حتى تلك المنصوص عليها في القانون الدولي واتفاقيات جنيف الأربعة، ولن تنسحب أو تصبح دولة ديمقراطية إلا بعد هزيمة المشروع الاستعماري الاستيطاني العنصري إلى درجة كافية لتحقيق هذا الهدف أو ذاك.

تأسيسًا على ما سبق، فإنّ المطلوب النضال لتغيير موازين القوى بما يسمح بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة رغمًا عن إسرائيل، من دون تنازلات واعتراف .. إلخ، تمامًا مثلما انسحبت من جنوب لبنان ومن قطاع غزة، بالرغم من أن "انسحابها"من القطاع جاء لظروف وملابسات مختلفة، منها ما يتعلق بالمقاومة، والكثافة السكانية، وعدم الحاجة الماسة للقطاع، ولكي تستخدم "انسحابها"من القطاع كخطوة إلى الوراء في غزة من أجل التقدم عشر خطوات إلى الأمام في الضفة، التي تعتبر السيطرة عليها الهدف الأكبر لإسرائيل.

أعتقد بأن البرنامج الذي استندت إليه حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) الذي يتضمن إنهاء الاحتلال وحق العودة والمساواة هو البرنامج المناسب؛ كونه يحافظ على الوحدة على أساس القواسم المشتركة بين الفلسطينيين، ويرى في نفس الوقت خصوصية كل تجمع فلسطيني.

Hanimasri267@hotmail.com

 

 

 

مقالات

ALMOST WITHOUT NOTICE

$
0
0
الخميس, 19 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

 "The 27th anniversary of the Palestinian Declaration of Independence came and went, and had it not been for the official holiday and some modest celebrations and statements, the occasion would have passed without attracting any attention," notes Hani al-Masri in the leading Palestinian daily al-Ayyam.

But this was only natural, since the 'Declaration of Independence' which became possible thanks to the December 1987 popular intifada, was based on the view that independence was getting close and that the Palestinian state was just a ‘stone's throw away’.

I was one of those who supported this Declaration but with no illusions that independence was within reach. The question now after so many years is this: Is that Declaration still effective, or has it lost its importance and rationale?

What compels us to ask this question is Israel's imposition of occupation, settlement and racist acts, and the death of the so-called 'peace process,' both of which render the establishment of the Palestinian state almost impossible, in the short-run at least.

The very different Palestinian, Israeli, regional, and international conditions and circumstances compared to what they were like when independence was declared, raises this issue for discussion. For we were in a much better condition then than we are today, against the background of the Cold War and the conflict between the socialist bloc that supported nations and the capitalist bloc that was hostile to them. These were also the days of Arab solidarity, when the PLO was the Palestinians’ national entity that represented them all.

After that experience and the facts it exposed and created we need to ask: Was it right to raise the slogan of a Palestinian state and proclaim our Declaration of Independence, or was it a mistake to begin with? Or was it correct, but the policy and tools used to achieve it mistaken? Or is it that such a program could only have produced such results?

Those who argue that the slogan was mistaken to begin with believe that those who proposed the program that calls for 'the establishment of a state, the right of return, and the right to self-determination' knew that they were about to engage in a trade-off between such a state and the right of return because Israel would never agree to the establishment of a state on the territories occupied in 1967 and agree to the return of refugees at the same time. This is because it views itself as a Jewish state, while the inflow of millions or even hundreds-of-thousands of [Palestinian] refugees would strip it off its 'Jewish' character as a state within a few years.

While it is difficult to be absolutely sure that the Palestinian leadership knew that it was about to engage in such a trade-off from the very start, what is certain that this is what it ended up doing. In fact, it ended up receiving even less in the proposed trade-off.

All this happened against the background of Israel reneging on the [1993] Oslo Accords that from the dominant Israeli point of view, and despite their terrible shortcomings, offered the Palestinians much more than they deserved or could otherwise get. This point of view emerged clearly after Rabin's [1995] assassination and after successive Israeli governments came to power, all of which refused to implement the Hebrew state's commitments to Oslo.

The Palestinian leadership believed that it would be able to deal with this issue by offering more concessions. But this led to the exact opposite. It merely whetted Israel's appetite and led it to demand more. In addition, Israel set conditions that are impossible to satisfy in order to justify why it has offered nothing to the Palestinians, such as recognizing Israel as a 'Jewish' state.

If we were to survey the most important junctures and phases of the concessions offered by the Palestinians, we would find that these began with recognizing Israel's right to exist; renouncing 'violence and terrorism' (even in a retroactive manner), the commitment to implementing agreements reached with Israel even if this was one-sided; and leniency towards Israel's failure to honor its commitments during the transitional phase on the assumption that what we cannot get piecemeal during the transitional phase we will be able to get wholesale in a final status agreement.

The result was that the Palestinian leadership reached the end of the transitional phase without Israel’s commitments being implemented, without clinging to the agreed timetable for reaching a final status agreement [by 1999], and all while deeming passing that deadline as the start of a new phase that was radically different from the previous one. The Palestinian leadership clung to the extension of the interim phase for one additional year to start with, and then accepted its extension indefinitely.

During that period, we saw further Palestinian concessions, with the acceptance of the [2000] ‘Clinton parameters’ for resolving the refugee issue in a manner that totally denuded that issue of its content. Then came the Palestinian acceptance of the [2002/2007] Arab Peace Initiative, including its call for an ‘agreed-upon solution’ for the refugee issue. But this flexibility did not pay off, despite the Palestinian acceptance of the principle of 'land-swaps' that allows Israel to annex the settlement blocs and most of the settlements built in East Jerusalem, while the city’s Arab neighborhoods would be annexed to the Palestinian state.

The so-called 'peace process' ended in wholesale and piecemeal Palestinian concessions, while Israel headed towards greater extremism – so much so, that some current Israeli ministers do not even recognize the existence of a Palestinian nation or its right to establish any political entity, even if less than a state and no more than a limited or expanded self-rule system.

The above poses the need for an extensive and comprehensive review, including that of the program that calls for 'the establishment of a state, the right of return, and the right to self-determination.' Such a review is necessary in order to determine whether this program was right or not, or whether it was the right course but has been overtaken by events, or whether it is still valid but the strategy pursued to achieve it – that based on negotiations, diplomatic action, demonstrating good will and capability, and building state institutions under occupation – is a mistaken one. Moreover, it raises the question as to whether the international community and the UN recognition of Israel without recognizing its occupation of the West Bank and the Gaza Strip allows the Palestinians to produce a program that aims to liberate these areas in a manner that precedes reaching a radical and historic solution for the Palestinian issue.

What has prevented the establishment of a Palestinian state along the 1967 borders and the implementation of the right to self-determination and return, is the stark imbalance of power. It is the fact that the occupation is profitable to Israel, and together with that imbalance, this also prevents the establishment of a single state of whatever form. Israel opposed the establishment of a Palestinian state, and it will oppose the establishment of a unitary state even more strongly.

As for those who claim that the one-state already exists, and that the Palestinian state is just a stone's throw away, we say: Hold on! It seems we live in different worlds and different countries! For Israel is a state with two regimes, and it gives the Palestinians under occupation none of their rights, even those required by international law and the four Geneva conventions.

"And it will not withdraw or become a democratic state except after the defeat of the racist, settler, colonial project to a degree that allows for the establishment of either of these two aims [a withdrawal from the territories occupied in 1967 or a single democratic state]," concludes Masri.

Ends…

 

مقالات

باحثون وباحثات شباب يعرضون أوراق تحليل سياسات ووضع

$
0
0
الاثنين, 23 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

خلال حفل تخريج المشاركين في برنامج "السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي"

باحثون وباحثات شباب يعرضون أوراق تحليل سياسات ووضع

 

البيرة – خاص: اختتم المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) برنامجه التدريبي في مجال "إعداد السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي"، الذي نفذه بالتعاون مع مؤسسة "هينريش بول"الألمانية، في مقر المركز بمدينة البيرة، بحضور عشرات الباحثين والمهتمين.

وقال هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، خلال حفل التخريج، إنه تمّ تصميم وتنفيذ هذا البرنامج بهدف تدريب مجموعة من الباحثين/ات على مهارات تحليل وإعداد السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي، ووضع خطط عمل إستراتيجية تتعامل مع قضايا مختلفة وترويجها.  وبيّن أن من شأن ذلك أن يساهم في تعويض النقص في توفر مهارات وقدرات بحثية، خصوصًا في أوساط الجيل الشاب من الجنسين، فهذا البرنامج ينقل الباحث من مستوى البحث الأكاديمي والخاص بالتشخيص والتوثيق والفهم إلى إطار البحث "التطبيقي"القائم على التخطيط ووضع برامج العمل التنفيذية.

وأشار المصري إلى أن هذا البرنامج يعد الأول من نوعه في فلسطين، لا سيّما من حيث تقديم مفهوم السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي للباحثين/ات، وفكرة التخطيط الجماعي.  وتعرّف المتدربون على نماذج مراكز عالمية متخصصة في السياسات العامة، وعمليات ومراحل تطوير سياسة عامة، فضلًا عن تحليلها وتقييمها، الأمر الذي يساعد على تطوير ثقافة التخطيط والتفكير الإستراتيجيين بدل حالة العشوائية والارتجال التي تهيمن على قطاعات واسعة من أوجه العمل الفلسطيني، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.

وأوضح د. أحمد جميل عزم، مدير البرنامج، أن الدورة التدريبية تضمنت أكثر من خمسة وثلاثين يومًا تدريبيًا، بواقع يوم واحد في الأسبوع، فضلا عن تطبيقات عملية على المادة التدريبية كانت تجري أثناء أيام الأسبوع، بما يتخلله ذلك من تواصل ولقاءات، ثنائية أو على شكل مجموعات بين المدربين والمتدربين.

وبين أن البرنامج هدف إلى إعداد وتأهيل عدد من الباحثين الشباب من الجنسين، ممن تقدموا للدورة بناء على إعلان جرى نشره في الصحافة، وعبر المؤسسات الأكاديمية والبحثية، وقد جرى اختيار عشرين متدربًا ومتدربة، من أصل نحو مائة شخص تقدموا بطلب الاشتراك في الدورة، وجرى الاختيار بين المتقدمين على أسس تضمن وجود القدرات المطلوبة، فضلًا على التنوع في التخصصات والاهتمامات.

وأضاف أن البرنامج تضمن 180 ساعة تدريبية، وشمل تنفيذ ثماني وحدات تدريبية، تشمل: ضبط المصطلحات، والتعامل مع المصادر، وتحليل الجمهور، وتحليل الموقف، وصنع وتحليل السياسات العامة، إضافة إلى مهارات التفكير الإستراتيجي وتقنيات التخطيط المستقبلي وآليات بناء السيناريوهات، وتسويق أوراق السياسات العامة وإيصالها لصانع القرار/الحدث، ومشروع تخرج يقدمه المتدربون/ات في نهاية البرنامج يتضمن إعدادهم مجموعة من أوراق السياسات وتقدير الموقف وتحليل الوضع والتقارير الإستراتيجية.

وأثنت بيتينا ماركس، مديرة مؤسسة هينريش بول الألمانية في فلسطين والأردن، على هذا البرنامج، مشيدة ببرنامج التعاون المشترك مع مركز مسارات.  وأعربت عن سعادتها بتخريج باحثين وباحثات قادرين على تحليل السياسات في ضوء خصوصيات الحالة الفلسطينية واكتساب مهارات التفكير الإستراتيجي، وبما يلبي احتياجات المؤسسات الأكاديمية والبحثية ومراكز التفكير الإستراتيجي الفلسطيني.

وأشاد أحمد أسعد الذي ألقى كلمة الخريجين بهذا البرنامج، وأوضح أنه فتح مساحة للحوار الأكاديمي والسياسياتي حول أهمية التفكير الإستراتيجي ومنهجيات علم الاستشراف في الحالة الفلسطينية، وأنه وضّح الفرق بين البحث الأكاديمي والبحث السياساتي، ووظيفة كل منهما وغاياته.

وبيّن أن البرنامج أسهم أو قد يسهم في دمج الباحثين الفلسطينين غير الرسميين، في عبء ومهمة التفكير الإستراتيجي الفلسطيني الجمعي، وفي التحول من حالة التفكير الأيديولوجي إلى حالة التفكير الإستراتيجي المنهجي، لا سيما أنه لامس الخصوصية الفلسطينية وشرطها الاستعماري، وأصّل لبناء ثقافة فلسطينية مستقبلية.

 

عروض أوراق تحليل الوضع

وتضمن برنامج حفل التخريج تقديم عروض موجزة لنتاجات المتدربين والمتدربات من أوراق تحليل الوضع والسياسات، حيث عرض أشرف عكة ورقة تحليل وضع بعنوان "الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية ... العقبات والفرص".  وبينت الورقة أن التحديات التي واجهها الإطار القيادي كانت بالضرورة مرتبطة بعدم تفهم الأطراف لحاجات بعضها وأولوياتها وهامش حركتها وأفعالها السياسية والكفاحية، فبينما أرادت حركة فتح وقيادة منظمة التحرير فرض رؤيتها وأجندتها، حاولت "حماس"فرض أسلوبها الخاص على ساحة العمل السياسي والميداني، ما جعل الإطار مرتهنًا لتلك المرحلة بكل ما لها وما عليها من تجاذبات وإخفاقات لكل الأطراف.

وأشارت الورقة إلى أن تفعيل الإطار القيادي والشراكة السياسية يحتاج إلى تنازلات جوهرية سياسية وبرامجية وشخصية، وهو غير وارد حتى اللحظة في سلوك الأطراف، وأن استحضار الإطار كآلية وطنية للحوار والمشاركة يستدعي توسيع التمثيل الفصائلي والقطاعي والنقابي والمؤسساتي والتخصصي والجغرافي، إضافة إلى توسيع وتطوير في أدوار ووظائف الإطار القيادي وعدم حصرها بملفات المصالحة.

وقدم أحمد الزعتري ورقة بعنوان "دور المستقلين في الحركة الوطنية الفلسطينية"، خلصت إلى أن بروز قيادة جديدة ليس مسألة طوعية بقدر ما هو عملية إفراز منبثقة من حالة الوعي السياسي والشعبي على مستوى المجتمع الفلسطيني، ويبرز في هذا المجال ملاحظة بأن جميع الحركات للقوى المستقلة لم تتمكن حتى الآن من امتلاك زمام المبادرة، إذ اقتصرت الفعاليات على الرد على واقع قصير الأمد، وليس على صياغة إستراتيجية تتحرك بشكل مدروس وتتسم بالتواصل.

وأضافت الورقة أن الحركة الوطنية الفلسطينية انتقلت برمتها إلى موقع ردة الفعل ومحاولة الاستجابة لعدد يكاد يكون غير متناه من القضايا التي يخلقها الاحتلال ودولته، إلى جانب الوقائع الجديدة في العالم العربي، وبالتالي فإن ضعف وتفكك القوى المستقلة يحول دون قدرتها على امتلاك زمام المبادرة وطرح برنامج يتسم بالشمولية.

وطرحت ورقة أشرف بدر "حركة المقاطعة العالمية (BDS) بين التهويل والتهوين"أربعة سيناريوهات مستقبلية للمقاطعة، وهي: سيناريو مقاطعة الأفراد ومنظمات المجتمع المدني لمنتجات المستوطنات بعد وسم منتجاتها، وهو ما يمكن أن نطلق عليه سيناريو الوضع الحالي؛ سيناريو المقاطعة الرسمية لمنتجات المستوطنات بقرار من الاتحاد الأوروبي، وهذا السيناريو في حال تحققه سيسبب ضررًا ضئيلًا للاقتصاد الإسرائيلي.  بينما يقوم السيناريو الثالث على إبطال اتفاق الإعفاء الجمركي بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وفي حال تحقق هذا السيناريو، فسيتسبب بخسارة تقدر بنحو 1.2 مليار دولار سنويًا من الصادرات الإسرائيلية؛ وأخيرًا السيناريو الرابع الذي يتم بموجبه فرض عقوبات دولية ومقاطعة على إسرائيل، هذا السيناريو تطلق عليه إسرائيل تسمية سيناريو الرعب، لأن حصوله سيتسبب في خسائر كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي عبر تراجع التصدير ووقف استثمارات الشركات في إسرائيل.

وتناولت ورقة ريما شبيطة "الحركة النسوية الفلسطينية"، إذ بينت أن العمل النسوي الفلسطيني بدأ منذ مراحل مبكرة، ولا شك أن لهذا العمل تأثيرًا منذ بداية تأسسه، وإن كان هذا التأثير، في معظم الأحيان، يركز على فئات محددة، وتقديم خدمات محددة، ولم ينجح في خلق حالة مجتمعية قابلة لتحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين.

وأشارت الورقة إلى أن سيادة خطاب الدولة، والتمكين لدى مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسة الرسمية، أدى في العديد من الأحيان إلى نتائج عكسية، حيث نرى الورطة الحقيقية التي تواجهها المراكز والمؤسسات النسوية بشكل خاص، والمستوى السياسي الفلسطيني بشكل عام، عند الحديث عن تمكين سياسي واقتصادي بالمفهوم الليبرالي التنموي حسب خطاب الممولين، وتأثر النسويات بذلك الخطاب، حيث تم العمل بناء عليه في معظم الخطط الوطنية الفلسطينية، وعدم نجاحه في معظم الأحيان، لعدم ارتباطه بالواقع الفلسطيني المحتل.

وطرحت ورقة تحليل الوضع الأخيرة التى أعدها حمدي حسين بعنوان "الحركة الوطنية الفلسطينية في مخيمات الشتات"، بعضًا من الحلول التي يمكن أن تغير من حياة اللاجئين على المديين القريب والمتوسط، عبر الاهتمام بتطوير دور اللجان الشعبية في المخيمات لتصبح هيئات تمثيلية وأداة نضالية من أجل حقوق اللاجئين ومصالحهم، وتوحيد مكونات الحركة الوطنية على أسس تمثيلية وديمقراطية، تشمل مشاركة وتمثيلًا من قبل اللاجئين لإشراكهم في صنع القرار فيما يخص مخيماتهم، إضافة إلى العمل على إنهاء الخلافات داخل الساحة الفلسطينية بشكل عام، وإنهاء الانقسام الفلسطيني، ومن ثم إجراء انتخابات جديدة للمجلس الوطني وإعادة إصلاحه كمدخل لإصلاح منظمة التحرير.

 

عروض أوراق تحليل سياسات

تضمن البرنامج تقديم ثلاث أوراق تحليل سياسات أعدها المتدربون/ات على شكل مجموعات، وتناولت موضوعات تتعلق بالشأن الفلسطيني وتحليل الوضع الراهن، قبل توقع سيناريوهات واقتراح بدائل وتقييمها والمفاضلة بينها.

 

ورقة "المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية"

إعداد: أشرف بدر، أحمد الزعتري، حمدي حسين، سجى الطرمان، محمد عبد الغفور

هدفت هذه الورقة إلى تقديم بدائل سياساتية من شأنها أن تساعد في الوصول إلى نتائج ملموسة في عملية المفاوضات، وإلى تسليط الضوء على الإشكاليات والأسباب التي أدت إلى فشل المفاوضات، وعدم التوصل إلى النتائج المرجوة منها، معتمدة على منهجية الوصف والتحليل لمؤشرات الواقع.

وبينت أنه على الرغم من مرور ما يقارب خمسة وعشرين عامًا على انطلاق "عملية السلام"، وتأمل الشعب الفلسطيني بأنّ تقود المفاوضات إلى إنهاء الاحتلال؛ فإنّها لم تثمر في حلّ القضايا العالقة، بل زاد وضع الفلسطينيين سوءًا من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حيث زادت البطالة، وانتشرت الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وتكثف الاستيطان في الضفة، ومن هنا يأتي سؤال الورقة: هل المفاوضات هي الطريق الأفضل للوصول إلى نتائج مثمرة؟ وإن كانت كذلك، فما هي الأساليب والأدوات المناسبة للوصول إلى نتائج مرضية؟

 

 

ورقة "البرنامج الوطني الفلسطيني: سياقات ومآلات.. فرص وتحديات"

إعداد: أشرف عكة، برهان دويكات، علي أزعر

هدفت إلى البحث في العوامل والأسباب الذاتية والموضوعية الإقليمية والدولية، وتأثيرها على إمكانية بلورة برنامج وطني لعموم الشعب الفلسطيني وقواه السياسية، إضافة إلى البحث في أهداف وتوجهات برنامجي منظمة التحرير وحركة حماس، وهل يصلح ما عرف بالبرنامج المرحلي لمنظمة التحرير في العام 1974 (برنامج النقاط العشرة)، وما تلاه من وثيقة إعلان الاستقلال ومرتكزاتها التي عرفت بثوابت الحد الأدنى (برنامج العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة على حدود الرابع من حزيران 1976 وعاصمتها القدس) لصياغة مشروع وطني موحد لعموم الشعب الفلسطيني، أم نحتاج إلى تغيير في المرتكزات والأسس والحوامل لكلا البرنامجين، بما يؤسس لحالة فلسطينية قادرة على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وتشكل بهذا طاردًا للعامل الإقليمي والدولي بعيدًا عن الحالة الفلسطينية، أم ستكون الحالة نفسها رهينة لهذا العامل، بما يمثله من استقطاب وأولويات وأجندات ومصالح وتحالفات؟

 

ورقة "البطالة في فلسطين"

إعداد: أروى أبو هشهش، أحمد أسعد، عايدة حجار، منار النتشة، سرين أبو عطوان، علا التميمي، ريما شبيطة

طرحت الورقة هدف تقليل نسبة البطالة إلى 10% حتى العام 2024، حيث أن هذه النسبة وما دونها، يستطيع معها الاقتصاد تحقيق تنمية، والتقليل من المخاطر والمشكلات التي تصاحب البطالة.  كما أن الوصول إلى نسب أقل من ذلك، بحاجة إلى قدرات ونمط اقتصادي متقدم، لا تتمتع به الحالة الفلسطينية التي تصنف ضمن الدول النامية.

وبينت الورقة أن الأسباب الرئيسية للبطالة في فلسطين تتمثل بالآتي: سياسات الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، وبنية الاقتصاد والسياسات الاقتصادية الحكومية، وبيئة العمل، ووجود اختلال في بنية الاقتصاد الموجود وبين سوق العمل، إضافة إلى ضعف القطاع الخاص ووقوع الانقسام الداخلي.

وفي نهاية الحفل، تم توزيع الشهادات على المتدربين وطاقم الإشراف، وتوزيع جوائز مسابقة أفضل ثلاث أوراق تحليل وضع، كانت من ضمن ست أوراق عُرضت كلها على محكمين، وقد فاز بالمركز الأول أشرف بدر، وفي المركز الثاني ريما شبيطة، وفي المركز الثالث حمدي حسين، وقدم لهم مركز مسارات مكافآت رمزية.

 

ندوات وحلقات نقاش

كيري .. ترويج جديد للسلام الاقتصادي

$
0
0
الثلاثاء, 24 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

 

يهدف جون كيري في جولته الثانية إلى المنطقة، أثناء الموجة الانتفاضية الحالية، إلى إقناع الفلسطينيين والإسرائيليين باتخاذ خطوات من شأنها الحفاظ على الاستقرار ومنع انهيار السلطة، ووقف أعمال "العنف"الفلسطينية، ولا يفكر في العمل على استئناف المفاوضات للتوصل إلى حل الدولتين.  فوفقًا لما صرح به مسوؤل أميركي كبير "ليس هناك ما يمكن أن يتفق عليه الطرفان الآن، وليس هناك ما نحاول حثهم على الاتفاق عليه".  فما ستحاول إدارة أوباما عمله حتى نهاية فترة رئاسته - بعد حوالي عام - تشجيع الطرفين على عمل أشياء مفيدة وتصب في مصلحتهما ومصلحة أميركا، وتمنع التدهور، وتحدّ من التوتر والعنف إذا لم تستطع وقفه كليًّا.

ويزور كيري المنطقة وهو الذي لم يأت سابقًا بالرغم من كل عمليات القتل والإجرام والتوسع الاستيطاني والانتهاكات الإسرائيلية ضد القدس والأقصى، لإنقاذ إسرائيل بناء على طلبها، وحتى يقنع السلطة بأن تفعل كل ما تستطيعه لوقف الموجة الانتفاضية و"التحريض"الذي تمارسه، متجاهلًا أن الاحتلال ذروة التحريض والإرهاب، وذلك مقابل إقامة برامج ومشاريع اقتصادية مثل (3G) الذي وافقت سلطات الاحتلال على تنفيذه في الضفة الغربية فقط، وتنفيذ إقامة المنطقة السياحية في البحر الميت، وإقامة منطقة صناعية وغيرها، وإصدار تصاريح للعمال والتجار وما شابه ذلك.

هناك معلومات عن إمكانية أن تشمل الزيارة البحث في تمكين السلطة من إقامة مشاريع في مناطق (ج) كما طالب رئيس الحكومة الفلسطينية (بدلًا من المطالبة بالانسحاب الإسرائيلي منها) ، وإقدام سلطات الاحتلال على تنفيذ "النبضة الثالثة"التي نصّ عليها اتفاق "واي ريفر"العام 1999 ولم تنفذ، والتي تقضي بـ"انسحاب"قوات الاحتلال من 13% من مساحة الضفة الغربية.  وهذا يتقاطع مع ما أعلنته حكومة نتنياهو عن عزمها على تنفيذ خطوات أحادية الجانب، وتهديدها بسحب الهوية المقدسية من حوالي 80-200 ألف مواطن فلسطيني.

المهزلة أن البحث هبط إلى مستوى سقفه الأعلى "السلام الاقتصادي"الذي بشر به نتنياهو، ويقدم للفلسطينيين باعتباره أقصى ما يمكن أن يحدث. 

أسوأ ما يمكن أن يحدث أن يتم تناسي، في خضم الحديث عن "النبضة الثالثة"وعن إقامة مشاريع في مناطق (ج)، بأنّ السلطة تحولت إلى سلطة بلا سلطة، وأن قوات الاحتلال منذ العام 2002 استباحت مناطق السلطة المصنفة (أ) بشكل كامل، بحيث تعتقل من تشاء وتفعل ما تشاء، إذ لم يعد هناك أي معنى للسلطة التي باتت بعد إعلان الموت السريري لما سمي "عملية السلام"أكثر من السابق عبئًا على الشعب الفلسطيني وبرنامجه الوطني، الأمر الذي يوجب وبشكل أكثر إلحاحًا الكف عن التهديدات اللفظية بوقف الالتزامات الفلسطينية المترتبة على "اتفاق أوسلو"، والانتقال إلى وضع خطة عملية والشروع في تنفيذها، تهدف إلى إعادة النظر في طبيعة السلطة وشكلها ووظائفها والتزاماتها، في إطار وضع وتنفيذ رؤية شاملة وخارطة طريق كاملة، تبدأ بإعادة القضية الفلسطينية إلى طبيعتها الأصلية بوصفها قضية تحرر وطني، تستوجب إعادة بناء وتوحيد الحركة الوطنية والتمثيل الفلسطيني ومؤسسات منظمة التحرير على أسس جديدة قادرة على حشد مختلف ألوان الطيف السياسي في مجرى الكفاح لتحقيق الأهداف الوطنية .

أخطر ما يمكن أن يحدث أن تتعاطى السلطة مع ما يطرحه كيري كبديل عن فتح الطريق لوضع إستراتيجية جديدة ومختلفة، قادرة على فرض عملية سياسية تهدف إلى إنهاء الاحتلال والاستعمار الاستيطاني على أساس "إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، أو على خلفية أن لدى السلطة خطة سياسية متكاملة بعد إقرار اللجنة التنفيذية توصيات اللجنة السياسية التي تعكس الاستمرار بانعدام الخيارات وتفضيل الانتظار على أي شيء آخر، بدليل أن قرارات اللجنة التنفيذية المتخذة منذ 4/11/2015 لم يتم الشروع في تنفيذها حتى الآن، وهي نفسها القرارات المتخذة في اجتماع المجلس المركزي في آذار 2015.

السبب في ذلك يرجع إلى الخشية من عواقب تنفيذ هذه القرارات من دون توفير بدائل، خصوصًا في ظل الضعف والانقسام والشرذمة والتيه الفلسطيني، وهذه الخشية تظهر من خلال تخويل الرئيس باختيار الوقت المناسب لتنفيذها.

في هذا السياق، تم تأجيل تطبيق القرارات إلى حين حدوث لقاء أوباما ونتنياهو، وسيتم التأجيل إلى ما بعد تلقي جواب على الرسائل التي سترسل إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء أميركا وروسيا والصين وأوروبا والمفوضة السامية للاتحاد الأوروبي، وسيبقى التأجيل مفتوحًا حتى إشعار آخر ما لم يتم بناء بدائل تضمن في الحد الأدنى بقاء القضية حية، وتقليل الأضرار والخسائر إلى أدنى حد ممكن، وتوظيف الفرص المتاحة للانتقال بعد ذلك إلى مرحلة يمكن فيها تحقيق الإنجازات الوطنية. (للمزيد حول قرارات اللجنة التنفيذية: راجع ورقة تقدير موقف التي أصدرها مركز مسارات يوم 9/11/2015 بعنوان "السياسة الفلسطينية بعد إقرار اللجنة التنفيذية توصيات اللجنة السياسية").

لو و"لو كلمة تفتح عمل الشيطان"جاء كيري، وكانت هناك حاضنة سياسية وتنظيمية واقتصادية وفكرية للانتفاضة، على أساس تحديد أهداف ممكنة التحقيق، وتشكيل قيادة موحدة من فوق لتحت ومن تحت لفوق، بحيث تتسع للعناصر الشابة ولكل المجموعات التي ظهرت أو يمكن أن تظهر.

ولو جاء كيري بعد حسم أمر انعقاد مؤتمر "فتح"في ظل اعتماد برنامج سياسي جديد، وانتخاب أطر حركية جديدة تعكس إرادة الفتحاويين، وتضمن استمرار قيام "فتح"بدورها بعد نفض الدرن الذي علق بها بعد ذوبانها في السلطة، وبعد عقد الإطار القيادي المؤقت للمنظمة، أو ما يسميه البعض "لجنة تفعيل المنظمة"، بما يضمن إحياءها وتفعيلها بمختلف دوائرها، بالتوازي مع تشكيل لجنة تحضيرية للمجلس الوطني الذي يمكن أن يشكل من جديد فورًا، أو أن يعقد جلسة بتركيبته القائمة، على أن يعقد جلسة له لاحقًا بتشكيلة جديدة في مدة لا تتجاوز عام واحد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والشروع في إعادة توحيد مؤسسات السلطة في الضفة وقطاع غزة، خصوصًا الشرطة وأجهزة الأمن، واعتماد إستراتيجية موحدة تستخدم جميع أشكال العمل السياسي والكفاحي، خصوصًا المقاومة والانتفاضة والمقاطعة، واستخدام المؤسسات الدولية، خصوصًا محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات، والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، لا سيّما الفتوى القانونية لمحكمة لاهاي، واللجوء إلى الجمعية العامة، وليس إلى مجلس الأمن المعطّل بحكم شبح "الفيتو"الأميركي الذي يخيم عليه إزاء أي قرار يكون في صالح القضية الفلسطينية، من أجل إصدار قرار باعتماد دولة فلسطين كدولة كاملة العضوية .

لو حدث كل ذلك، وهو شيء من الخيال في وضعنا الراهن، ولكنه أمر يمكن أن يصبح حقيقة واقعة لو توفرت القناعة والإرادة السياسية، لكان كيري وغيره من المؤثرين والمتحكمين بالقرار الدولي سيتعاملون مع القيادة الفلسطينية بشكل آخر محترم، وليس باستخفاف واستهتار كما نلاحظ من خلال تقديم إبر تخدير، وعبر الحرص على إعطاء الأولوية لتوفير أمن الاحتلال، والحفاظ على الوضع الراهن بدلًا من العمل الجاد لإنهاء الاحتلال.

ما سبق يدلل مرة أخرى على أن ما تجسده الموجة الانتفاضية الفلسطينية التي تقترب من نهاية شهرها الثاني، هي نموذج أو إشارة عن البديل المفترض اعتماده عن الإستراتيجيات المعتمدة سابقًا، على أساس القناعة بأنه من دون الاعتماد على الذات وتجسيد وحدة وطنية راسخة تعمل من أجل تغيير موازين القوى بشكل جدي لا يمكن تحقيق أي حد من الأهداف والحقوق الوطنية.

ما يجري على أرض فلسطين هو الذي سيترك صداه على ما سيحدث في أروقة الجامعة العربية والأمم المتحدة، ومختلف المؤسسات الإقليمية والدولية، وليس العكس، لأن الوضع العربي في أسوأ حال، والمؤسسات الدولية رهينة النفاق الدولي والفيتو الأميركي.

Hanimasri267@hotmail.com

 

مقالات

خاص: وفد من المستقلين يسلم رسالة للقنصلية الفرنسية تؤكد رفض الارهاب

$
0
0
الأربعاء, 25 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015
سلم وفد ممثلا عن مئات الشخصيات من مختلف الأطياف السياسية ومن المستقلين ومنظمات المجتمع المدني بيانا للمركز الثقافي الفرنسي في رام لله بالنيابة عن القنصلية الفرنسية في القدس، يرفض فيه الارهاب ويدعو لدحره في كل مكان.
 
وكان المركز الفلسطيني للأبحاث والسياسات الاستراتيجية "مسارات"أصدر بيانا بعنوان"من أجل دحر الإرهاب في كل مكان"يرفض فيه كافة اشكال الارهاب والذي أكد أن بداية الارهاب هو الاحتلال الإسرائيلي، حسبما أكد مدير المركز هاني المصري.
 
وقالت الناطقة باسم الوفد وفاء عبد الرحمن لـ"الحدث":"قمنا اليوم بتسليم بيان "من أجل دحر الإرهاب في كل مكان"لتقديم التعازي للشعب الفرنسي من جهة، ولنعبر عن رفضنا للإرهاب الذي يجري في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن من جهة أخرى".
 
وأضافت لـ"الحدث": "ان الهدف الأساسي من البيان، التأكيد على أن الإرهاب لا يمكن استأصاله وجذوره تبدأ بممارسات اسرائيل، فلا يمكن التمييز بين ارهاب وآخر، وهناك قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية يجب حلها وعلى رأسها القضية الفلسطينية ".
 
وتابعت: "أن هناك علاقة وطيدة بين التفجيرات التي حدثت في فرنسا، والوضع القائم في فلسطين تحديدا، ولذلك يجب محاسبة اسرائيل دوليا على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، ودفعها للالتزام بالقانون الدولي وعدم دعم مجموعات داعش "واخوتها".
 
في ذات السياق، قال المصري:"ان المركز التقط فكرة البيان بعد أن عبر عنها أحد الشخصيات الوطنية، وهو لرجل أعمال بارز وحولها إلى نداء لتكون على شكل بيان يستنكر الارهاب".
 
وأشار إلى أن البيان قد لاقى اهتماماً كبيراً في الشارع الفلسطيني حيث وصل عدد الموقعين لأكثر من 900 شخصا وعشرات المؤسسات مع وجود معارضة قليلة يحترم رأيها، ولكنها لا تغير من الاتجاه العام للشعب الفلسطيني الذي يرفض ويستنكر الإرهاب ومن القراءة لأسماء الموقَعين نجد أنهم من مختلف الأطياف السياسية ومن المستقلين ومنظمات المجتمع المدني والنشطاء الأمر الذي يدل على أن الموقف الفلسطيني من الإرهاب موقف عام يعكس الارادة الفلسطينية وليس مجرد وجهة نظر لبعض الفلسطينين ".
 
وأضاف المصري: "إن البيان ترجم إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ويوضح فيه الموقعون أن الشعب الفلسطيني هو أحد ضحايا إرهاب الدولة الإسرائيلية والمستعمرين الإستيطانيين وسيعمل على هزيمة الإرهاب، من خلال معالجة جذوره الأيدولوجية والسياسية واااجتماعية والاقتصادية وخاصة التي تظهر من خلال توفير الحماية لإسرائيل التي تمثل ذروة إرهاب الدولة".
 
وتطرق المصري إلى قيام دول كبرى عربية وأجنبية بما فيها فرنسا بإستخدام أدوات الإرهاب لتغيير الأنظمه في المنطقة العربية، وإلى خطاب التحريض الطائفي الإعلامي المسيطر في بعض وسائل الإعلام الرسمي العربي الذي يوفر تربةً خصبةً لإنتشار الإرهاب لذلك يجب تكاتف جهود الجميع ضد هذا الإرهاب من أجل إجتثاثه لمعالجة الفوارق الضخمة في الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية في البلد الواحد وبين البلدان المتقدمة والمتخلفة لأن كل هذا يوفر تربة خصبة لإنعاش الإرهاب وتغذيته بإستمرار.
 
ونوه إلى أن الإرهاب لا يستخدم لتغير أنظمة أو لتحقيق أغراض سياسية من أفراد تتدعي أنها ضد الارهاب، مشيرا إلى أن الإدارة الامريكية استخدمت أحداث 11 سبتمبر ضد العراق وافغانساتان وارتكبت مجازر تفوق أحداث 11 سبتمبر فهناك مليون عراقي توفي بالقصف الأمريكي أو بسبب الجوع والحصار.
 
 
                                                                  
                                                  
 
                                                 
ندوات وحلقات نقاش

إدارة تستمرئ الفشل

$
0
0
الخميس, 26 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

لا معنى للزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأميرا معنى للزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأميركية جون كيري الى الأراضي الفلسطينية المحتلة، فما جاء به يدل على ان السياسة الأميركية إما ان تكون قاصرة عن فهم رسالة الانتفاضة والرسائل التي اطلقها الرئيس محمود عباس، واما انها اي السياسة الأميركية كانت بحاجة لتجديد التزامها بدعم إسرائيل. 

 
اذا كان البعض يأخذ على الانتفاضة غياب او غموض الهدف وغياب القيادة التنظيمية، ضعف دور الفصائل الفلسطينية إزاء تطويرها، وتوسيع دائرة نشاطاتها، فإن الرئيس محمود عباس كان واضحا في تأكيد الرسالة الفلسطينية حين تحدث عن فرصة ربما تكون الأخيرة، وعن ان الفلسطينيين لم يعودوا قادرين على القبول بقواعد اللعبة بشروط الوضع الذي سبق الانتفاضة.
 
 كان على الإدارة الأميركية، وكل طرف يعتبر نفسه مسؤولا في المجتمع الدولي، ان تفهم ويفهم الكل ان الانتفاضة كانت صرخة قوية ومدوية في وجه الكل. هي تمرد على سياسة الاحتلال، وإجراءاته الإرهابية العنصرية ومخططاته التوسعية وهي رفض لكل شروط العلاقة التي سادت بين الجلاد الإسرائيلي والضحية الفلسطيني.
 
والانتفاضة تعبر عن رفض لاستمرار واقع الانقسام الفلسطيني، والوهن الذي أصاب الحركة الوطنية، وتعبر عن الحاجة لتغيير المسارات المختلفة التي اعتمدتها القيادات السياسية الفلسطينية خلال المرحلة السابقة وتميزت جميعها بالفشل. والانتفاضة هي صرخة في وجه الأشقاء العرب وفي وجه الإقليم، هؤلاء الغارقون في صراعاتهم وانقساماتهم، ومخاوفهم ومصالحهم الأنانية، التي تجعلهم منشغلين عن قضيتهم المركزية، ما يشير الى تدني الوعي العربي ازاء اساس الصراع، الذي يعانون من تداعياته. 
الانتفاضة هي صرخة مدوية على السياسة التي تديرها الولايات المتحدة التي تؤكد يوما بعد آخر، ان معيار الحكم على هذه السياسة هو بمقدار التزامها بأمن وحماية إسرائيل، وهي صرخة في وجه التجاهل والتواطؤ الأميركي الغربي لتداعيات استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والأطماع الاسرائيلية.
 
لو ان كيري وإدارته فهم هذه الحقائق لكان وفر على نفسه عناء السفر الطويل، وكان يكفي للتظاهر بأن إدارته تبدي اهتماما كاذبا، بأن يفعل ذلك عبر الهاتف. 
 
لماذا تصر إدارة الرئيس باراك اوباما على ان تؤكد الفشل في كل ما تقوم وتفكر به إزاء ملف الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، لقد فشل كيري في إلزام حكومة نتنياهو بتنفيذ التفاهمات التي اشرف عليها بين رئيس الحكومة الإسرائيلية والعاهل الأردني الملك عبد الله، بشأن المسجد الأقصى، وها هو يفشل من جديد مهما كان الهدف الذي جاء من اجله ان كان تهدئة الوضع، او استئناف المفاوضات.
تجربة التفاهمات الخاصة بالمسجد الأقصى ماثلة للعيان، اذ لم تلتزم بها إسرائيل ولو ليوم واحد، ما يعبر عن وحدة الحال بين السياسة الرسمية وأهدافها وسياسة وأهداف المستوطنين والجماعات اليهودية المتطرفة التي لم تتوقف عن اقتحام المسجد الأقصى يوميا قط. 
لا يريد مسؤول في مستوى وزير الخارجية الأميركية ان ينتبه الى ان اسرائيل تتعمد في كل مرة يقوم بها كيري بزيارة للمنطقة، تتعمد إسرائيل الإعلان عن إجراءات وخطوات تجعل مهمة حليفها الأميركي فاشلة بامتياز.
 في هذه المرة لا يتوقف الأمر على جملة الإعلانات الاستيطانية التي تقول اميركا انها غير شرعية دون ان تفعل شيئا وإنما تبادر إسرائيل الى اتخاذ المزيد من القرارات والإجراءات العقابية الإرهابية التي تتميز بالعنصرية، وتشكل وصفة سحرية لاستمرار وتأجيج المواجهة.
 لو كان لدى وزير الخارجية الأميركي بعض الحياء، وبعض الشعور بالمسؤولية لما جاء حاملاً لأفكار تدعم مشروع السلام الاقتصادي الذي تلتزمه حكومة نتنياهو بينما تصوت في الامم المتحدة مئة وواحدة وسبعون دولة الى جانب حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. 
العالم كله في اتجاه يدعم الحق الفلسطيني والولايات المتحدة تبحث عن رضى دولة احتلال ارهابي عنصري مخالف لكل قوانين وقيم الدنيا، فهل بقي لدى اي فلسطيني او عربي لسان يبرر استمرار المراهنة على شيء من النزاهة الأميركية؟ على كل حال اظهر الشبان في الميدان وعيا للحقائق اكثر من وعي الإدارة الأميركية، حيث انهم صعدوا قبل يوم وصول كيري، من قدرتهم على مجابهة الإرهاب الإسرائيلي المتصاعد، الانتفاضة مستمرة والأجدر بالفلسطينيين ان ينشغلوا في تكريم الانتفاضة، من خلال إعادة ترتيب البيت. 
مقالات

البرتقال البرتقالي: 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة

$
0
0
الاثنين, 30 تشرين الثاني (نوفمبر), 2015

هل يمكن أن يتلوَّن وجه العالم باللون البرتقالي؟ هل يمكن أن يخلو العالم من العنف الذي يجرِّد الإنسان من آدميته؟ كان هذا هو هدف الحملة الدولية «16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة»؛ حين دعت النساء والرجال والأطفال إلى تلوين العالم باللون البرتقالي، ومنذ عام 2013، في «رؤية رمزية لعالم مشرق وإيجابي خال من العنف ضد النساء والفتيات».

تبدأ الحملة يوم 25 تشرين الثاني، وتنتهي يوم 10 كانون الأول/ اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

ورغم أن اللون البرتقالي الذي يسود المشهد السياسي الفلسطيني والعربي والدولي؛ قد لطِّخ بالسواد منذ عام 2002، (حين ارتبط بزي معتقلي غوانتانامو) ثم عام 2004 (حين ارتبط بتنظيم القاعدة)، ثم عام 2014 (حين ارتبط بتنظيم داعش)؛ إلاّ أني أضمّ جهدي مع جهود النساء اللواتي يناضلن ضد العنف والقهر والظلام والتمييز؛ لنعيد اللون إلى أصله الخالي من السواد، إلى البرتقالي البرتقالي.

لم تصل دعوة الحملة العالمية إلى «هديل وجيه عواد» (16 عاماً)، أو إلى ابنة خالها الطفلة «نورهان عواد» (15 عاماً)، من سكان مخيم قلنديا، حين خرجتا يوم 23 تشرين الثاني 2015؛ لتحاربا سواد العالم بمقص؛ فكان الإعدام الميداني نصيب الشهيدة «هديل»، والإصابة الخطيرة نصيب نورهان.

كما لم تصل الدعوة إلى «أشرقت قطناني» (16 عاماً)، من مخيم عسكر، حين خرجت يوم 22 تشرين الثاني 2015؛ لتمحو اللون الأسود ببياض أوراق دفترها، أو بمريول مدرستها المخطط بالأبيض والأخضر؛ دعسها مستوطن، وأطلق عليها جنود الاحتلال الرصاص، ومنعوا سيارات الإسعاف من الوصول إليها، ونزفت حتى استشهدت.

أما الطفلة الرضيعة رهف حسان (عامان) - التي قتلت هي ووالدتها الحامل في غزة (35 عاماً)، يوم 10 تشرين الأول 2015، بواسطة صاروخ دمَّر منزلهما، جنوب شرقي غزة، فلم يتسنَّ لها أن تحارب سواد العالم سوى بجسدها الصغير وجسد والدتها.

هل يمكن تلوين العالم باللون البرتقالي، لمحاربة العنف اليومي، الذي يمارسه جيش الاحتلال يومياً ضد النساء والفتيات، سوى بإنهاء الاحتلال البغيض أولاَ؟

بدأت حملة: «16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة» بمبادرة خلاقة من ثلاث وعشرين امرأة، من مختلف بلاد العالم، عام 1991، سعين إلى إثارة الوعي بضرورة النضال ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وبعد أن كانت الحملة محلية اتسع نطاقها وامتد تأثيرها لتصبح حملة كبرى.

 شارك في الحملة منذ انطلاقتها، ما يزيد على خمسة آلاف وأربعمائة وثمان وسبعين منظمة، وحكومة، ووكالات تابعة للأمم المتحدة، من مئة واثنين وسبعين بلداً، بالإضافة إلى عدد كبير من الأفراد، من أكثر من مئة وثمانين دولة من دول العالم.

أما الخامس والعشرون من تشرين الثاني، الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1999 يوماً عالمياً يجري الاستعداد له سنوياً، ضمن نشاطات وفعاليات تسعى لمناهضة العنف ضد النساء؛ فقد تم اختياره تكريماً للنضال السياسي والاجتماعي ضد العنف، الذي قادته الأخوات المناضلات «ميرابال» في جمهورية الدومينيكان، اللواتي تم إعدامهن عام 1960، على يد شرطة الديكتاتور «تروخيوس» بعد اعتقالهن.

ما الذي تركز عليه الحملة هذا العام؟

شعار الحملة «من السلام في المنزل إلى السلام في العالم: جعل التعليم آمنا للجميع>

«ستركز حملة 16 يوماً بالأخص على العلاقة بين العسكرة والحقّ في التعليم في أوضاع النزاعات العنيفة، وفي حالة السلام النسبي، ومختلف السياقات التعليمية، مع الإشارة إلى طبيعة العسكرة كنظام أبويّ شامل قائم على التمييز والتفاوت وفقاً لعلاقة كل منا بالسلطة».

 وفي فلسطين؛ أطلق منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية، الحملة الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة لعام 2015، تحت شعار: «إنهاء الاحتلال.... إنهاء للعنف»؛ ما ينسجم مع الشعار العالمي الذي يربط بين العسكرة والحق في التعليم، وازدياد العنف.

ودعا المنتدى السلطة الفلسطينية إلى «الوفاء بالتزاماتها بالمواثيق الدولية التي وقعت عليها السلطة، وفي مقدمتها اتفاقية سيداو، وإلى إقرار قوانين تتلاءم مع تلك الاتفاقيات، وفي المقدمة قانون العقوبات، الموجود في الأدراج لما يقارب العشر سنوات، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون حماية الأسرة من العنف.

البُرتُقالِيُّ اتِّقادُ العاطِفَة

البُرتُقالِيُّ امتِزاج

 البُرتُقالِيُّ/ نارُ الرّوحِ/ مِشمِشُها

دِفءُ الشِّتاءِ/ ذَهَبُ الشَّمسِ/ خُيوطُها

التَّجدُّدُ/ الجَمالُ/ الإبداعُ

 زَمَنُ الفَراشاتِ/ انطِلاقُها

الحُبُّ/ البَهجةُ/ التّعاوُنُ

سِحرُ الغروبِ/زينَةُ الكّونِ

 ماءُ الحياةِ/ وَسِرُّها

  البُرتُقاليُّ امرَأَة

البُرتُقالِيُّ إِنسان

مقالات

لماذا «انتفاضــة» سكاكين؟

$
0
0
الثلاثاء, 1 كانون اﻷول (ديسمبر), 2015

منذ اندلاع الموجة الانتفاضيّة التي تميّزت باستخدام السكاكين والدهس، يدور حوار بدأ على استحياء، وفي الكواليس، ومن نَفَر قليل، حول الشكل الذي اتخذته، ثم أصبح الحوار ساخنًا وعلنيًا، وسُخّرت له وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

  اعتبر البعض  ما يجرى «انتحارًا» أو «موتًا مجانيًا»، وشُكّلت مجموعات تحمل أسماء «الحياة أبقى من الموت»، و»لا للموت المجاني»، وطالبت بعدم إلقاء الأطفال إلى المعركة حتى يعيشوا طفولتهم، وكأن الاحتلال يميز بين الأطفال وغيرهم، وأن الإعدام الميداني والاعتداءات الإسرائيلية المتنوعة وعمليات القتل والحرق التي جرت قبل وبعد تجري في كوكب آخر بعيدًا عن تواجد الأطفال.

كما طالب بعض الكُتّاب القيادةَ والفصائل والمؤثرين على الرأي العام بالتدخل لوقف هذه الظاهرة، ووقف تمجيد وتشجيع زج الأطفال في استخدام السكاكين، مع أن نسبة مشاركة الأطفال في هذه الموجة أقل بكثير مما يجري تصويره، وكأن بعض من يقف خلف هذه الأفكار يختبئ تحت عباءة حماية الطفولة، في حين أنه يحرف الأنظار عن المسؤول الحقيقي عن اتخاذ «الانتفاضة» لهذا الشكل.

ووصل الأمر بمحلل معروف أن قال بأن استخدام السكاكين يخالف القانون الدولي، وخلط بينها وبين استخدام السلاح، مع أن المقاومة المسلحة مقرّة في القانون الدولي.  وأضاف المحلل أن ما يمنع تحول الهبة إلى انتفاضة شعبية سلمية عارمة كما تطالب القيادة هو استخدام السكاكين والدهس، مع أنه لم يوضح كيف ولماذا لا يكون العكس؟ أي أن الاكتفاء بالمطالبة الآن وسابقًا لفظيًا بانتفاضة سلمية ومقاومة شعبية لم يتحقق، ما يعكس عدم توفر قناعة بالمقاومة كأسلوب إستراتيجي مهما كانت سلمية أو عسكرية، أو عدم جدية أو قدرة المطالبين بتحقيق ما يطالبون به.

إن عدم شق مجرى فعّال للكفاح تقوده القيادة والقوى هو الذي جعل الانتفاضة تأخذ هذا الشكل الذي اتخذته، ويمكن أن تتخذه في المستقبل، أو تتحول إلى أشكال أخرى، مثل استخدام السلاح بشكل واسع بسبب عدم وجود سياسة ومقاومة فعالة، ما أوجد فراغًا، والطبيعة تكره الفراغ.  لذلك، وجدنا انتشار انتفاضة السكاكين والدهس، فَلَو كانت هناك مقاومة شعبية حقيقية، أو كان بمتناول الفلسطيني طائرات (F16) وقذائف (RBJ) وكورنيت ومضاد للطيران فإنه لم يلجأ إلى السيارة والسكين والمقص وحفّار الكوسا.

إن أصحاب هذه الأفكار نسوا أو تناسوا أن الموجة الانتفاضية شأنها شأن الشعب الفلسطيني كله، بلا عنوان وبلا قيادة، لأن القيادة والقوى والمؤسسات الوطنية منقسمة وفي حالة توهان وانعدام الخيارات، وتتآكل بالتدريج، ولا تقوم بدورها القيادي والتعبوي والتنظيمي، وبالتالي كيف يمكن مطالبتها بوقف انتفاضة السكاكين والدهس، سواء بزعم أنها كانت خطأ منذ البداية، أو بأنها أوصلت رسالتها وعليها أن تتوقف. لذا، لاحظنا بعض القيادات الذين لسد عجزهم يقدسون العفوية ويتغنون بأن «الانتفاضة» بلا قيادة أفضل، وأنه لو كان هناك تنظيم لفشلت.

الحقيقة المرّة أنه إذا استمرت «الانتفاضة» من دون قيادة ولا تنظيم ولا تحديد أهداف ولا توفير إمكانيات، فالاحتمال الوحيد ليس أن تتوقف هذه «الانتفاضة» كما يتمنى البعض، بل إذا توقفت يمكن أن تتلوها بعد فترة قصيرة أو طويلة انتفاضة فردية تستخدم السلاح، وتكون عرضة لتدخلات خارجية، أو ترتد داخليًا وليس ضد الاحتلال.

إن انفجار الغضب الشعبي حدث عندما أصبح المواطن الفلسطيني غير قادر على الاحتمال، وخرج من أجل حق وواجب وطني تجسيدًا للشهادة والتضحية، وليس كشكل من أشكال الانتحار. 

في ظل تخلف القيادة والفصائل عن القيام بدورها المفترض في توجيه «الانتفاضة»، وتنظيمها، وتوعيتها، وتحديد أهدافها وأشكالها؛ انطلقت «الانتفاضة» عفوية وطغت عليها الفردية، واستمرت كذلك بالرغم من مرور شهرين على انطلاقها.  فاللوم هنا يجب ألا يقع على الأفراد الذين لم يعودوا قادرين على التحمّل، وقاموا بدورهم ببسالة منقطعة النظير ادهشت العدو قبل الصديق، وإنما على القيادات والقوى والنخب التي عجزت عن مواكبة الانتفاضة وتوفير متطلباتها.

ما يحصل في فلسطين هو أن الموجة الانتفاضية الحالية أعلى من سابقاتها اللواتي شهدناهن خلال الأعوام السابقة، تحت عناوين: الأسرى، القدس، المقاطعة، الأقصى، الاستيطان .. إلخ، وأنها سبقت القيادة والقوى، وهذا أمر يمكن أن يحدث وحدث سابقًا في الانتفاضة الأولى، ولكن سرعان ما تشكلت «القيادة الوطنية الموحدة» التي حددت إيقاعها، أما هذه الموجة فما زالت يتيمة من دون قيادة ولا تنظيم ولا هدف، أي من دون عقل يوجهها، وهذا أمر لا يمكن تفسيره إلا بأن القيادة تخلّت عن مسؤولياتها، والقوى عاجزة، بينما لم تدرك النخب ما يجري وحجم التغيير الذي يعتمل داخل الشباب الفلسطيني، الذي أدى إلى حصول ما نشاهده الآن.

فالقوى إما أنها لا تقدر على قيادة انتفاضة أو أنها لا تريدها لخشيتها من خروجها عن السيطرة، أو استخدامها من قبل خصومها الداخليين وتهديدها للمصالح المكتسبة بعد أكثر من عشرين عامًا على إقامة سلطة «أوسلو»، التي أوجدت أفرادًا وشرائح تحكمت بثروة ونفوذ لم تحلم بهما وخلال وقت قياسي، لذا جل ما يهمها أن تبقى الأمور كما هي عليه من دون تغيير لا بثورة ولا بغيرها، أو أنها قوى مستنزفة من قمع السلطة والاحتلال معًا، وجل ما يهمها توظيف الانتفاضة ضد خصومها من دون رمي كل ثقلها لدعم الانتفاضة، لأنها تخشى من الرد الإسرائيلي على ما يجري في الضفة بتوجيه ضربة قوية لسلطتها في غزة، مثلما تخشى أن تُستثمر بما يفيد خصمها الداخلي.

في هذا السياق، اندلعت واستمرت «الانتفاضة» كانتفاضة سكاكين ودهس، وأنجزت إنجازات كبيرة، سبق أن تناولناها وتناولها غيرنا، وما يحركها جحيم الاحتلال بكل اعتداءاته واستيطانه وعنصريته ووحشيته، الذي وصل حدًا غير مسبوق، ومرشحًا للتصاعد أكثر في ظل اتجاه إسرائيل نحو مزيد من التطرّف، ونحو إحياء هدف إقامة «إسرائيل الكاملة» كما يظهر برفض التسوية، وإقامة دولة فلسطينية، وتزايد الدعوات الإسرائيلية لضم «الكتل الاستيطانية»، ومناطق (ج) التي تشكل 60% من مساحة الضفة، وسحب الهوية من عدد من الفلسطينيين يتراوح ما بين (80-200) ألف مقدسي.

 السؤال الأهم الذي يطرح نفسه: ليس لماذا هي «انتفاضة سكاكين»، وإنما لماذا استمرت انتفاضة أفراد، وما مغزى ذلك، وكيف يمكن تفسيره؟

دخلت الموجة الانتفاضية في شهرها الثالث وبدأت عفوية واستمرت كذلك، فلا يمكن محاسبتها وكأنها منظّمة وذات قيادة، حتى نقول إنها توحد العدو وتمكنه من استخدام القوة المفرطة وغير ذلك من الحجج والذرائع، التي يمكن أن تكون جديرة بالاهتمام لو كانت «الانتفاضة» تحركها القيادة أو قوى وفصائل منظمة.

لو كانت هناك مقاومة شعبية فعالة ومقاطعة وملاحقة جدية لإسرائيل على جرائمها الفردية والجماعية في محكمة الجنايات الدولية وغيرها، لما اتخذت «الانتفاضة» هذا الشكل الذي استدعته الضرورة، لأن الأفراد الذين وصلوا إلى درجة عدم القدرة على الاحتمال تحركوا بهذا الشكل كرد فعل طبيعي على الاحتلال واعتداءاته، لعله يؤثر ويحرك الشعب والقوى والقيادة.  وبدلًا من الاعتراف بهذه الحقائق القاسية، وجدنا من ينظر من قادة ومحللين لتنظيمات كبيرة وصغيرة ويقدسون عفوية «الانتفاضة»، لدرجة إعلان قائد بارز أنه لو كان هناك تنظيم أو تنظيمات وراء الانتفاضة لأُفشِلت وتوقفت، مع أنه يتابع كلامه بعد ذلك مطالبًا بإيجاد قيادة للانتفاضة، ويذهب إلى حد التغني بابتعاد الفصائل عن الانتفاضة وكأنها منّة منها، أو ميزة تحسب لها، لأنها لن تتحمل المسؤولية عن عمليات «الانتفاضة«.

لا تزال المشاركة الشعبية في «الانتفاضة» محدودة بالرغم من التأييد الكبير لها، بسبب الانقسام، وغياب الرؤية، والتردد بين خيار انتهى ولم يدفن بعد، وخيار ينضج ولم يولد بعد، ولأن الجمهور الواسع يتفرج بين مؤيد لما يجري من دون أن يصل إلى الانخراط فيها، وبين معارض و»بين بين»، والمعارض يضم قسمين: الأول، لا يريد الانتفاضة بأي شكل حتى لو كانت سلمية 100%، لأنها يمكن أن تمس مصالحه ووزنه في السلطة والمجتمع، ولأنها يمكن أن تؤدي إلى انهيار السلطة، بالرغم من أن السلطة كما يردد الرئيس وقادتها أصبحت «سلطة بلا سلطة».  أما القسم الثاني، فلا ينخرط في الانتفاضة ويعارضها، لأنه رأى ما انتهت إليه الانتفاضتان السابقتان، حيث كانت المكاسب أقل بكثير من التضحيات والمعاناة، فضلًا عن أنهما انتهيتا إلى الفوضى والفلتان الأمني، إذ انتهت الأولى إلى «اتفاق أوسلو»، بينما وصلنا بعد الثانية إلى الانقسام الأسود.  وإذا شعر هذا القسم الواسع من الجمهور الفلسطيني بأن هناك استيعابا للدروس والعبر من التجارب السابقة، أو سعي جدي نحو هذا الاتجاه، أو أن هذه الانتفاضة ستكون مدخلًا لبلورة قيادات وقوى جديدة؛ فسينخرط في «الانتفاضة» بصورة لم تحدث من قبل.

hanimasri267@hotmail.com

مقالات

أزمة القيادة الفلسطينية وخياراتها ومشروع الدولة

$
0
0
الأحد, 6 كانون اﻷول (ديسمبر), 2015

تعمل منظمة التحرير الفلسطينية منذ أكثر من ٤٠ عاماً على إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. ومع ذلك، ورغم النجاحات التي حققتها المنظمة على صعيد نيل الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، إلا انها ما زالت عاجزة عن تحدي الاحتلال الإسرائيلي المستمر بلا هوادة. وتشكل الانتفاضة الحالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحدياً لمنظمة التحرير، والسلطة الفلسطينية، والأحزاب السياسية باعتبار هذه المرحلة من أضعف المراحل في التاريخ الفلسطيني.

هذا الضعف بدا واضحاً في خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في ٣٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٥ والذي استهله بنداءٍ حزين للمجتمع الدولي كي ينقذَ الشعب الفلسطيني. حيث بدا وكأنه لا هو ولا شعبه يمتلكان أي وسيلة لتحدي الاحتلال الإسرائيلي العسكري المستمر، واللامساواة التي يواجهها المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل، ورفضها الاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة. وفي الثلث الأخير من خطابه، ألقى «القنبلة» التي وعد وسائلَ الإعلام بها لاسابيع عدة، حيث دعا الأمم المتحدة رسمياً إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. وقال إن الفلسطينيين لن يلتزموا بالإتفاقات المبرمة مع إسرائيل طالما أن إسرائيل لا تلتزم بها، وإن على إسرائيل أن تتحملَ مسؤولياتها كسلطةِ احتلال.

ورغم أن عباس بدا شديداً في خطابه، إلا انه لم يقل شيئاً يتعذرعليه التراجعُ عنه إذا ما استؤنفت المفاوضات. ولم يعلن نهايةَ التعاون الأمني بين إسرائيل وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية.

فالاستراتيجية التي تتبعها منظمة التحرير أخيراً تتمثل في نيل الإعتراف بالدولة الفلسطينية والإستفادة من المزايا التي تجلبها وضعية الدولة. ففي أواخر٢٠١١ أصبحت فلسطين دولةً كاملة العضوية في منظمة اليونيسكو. وفي العام ٢٠١٢، حصلت على صفة دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة. وبعدما فشلت المفاوضات مع إسرائيل بوساطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري في نيسان (أبريل) ٢٠١٤، بدأت منظمة التحرير بالتطلع إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية. وفي أواخر ذلك العام، أعاقت الولايات المتحدة قراراً بشأن إقامة الدولة الفلسطينية من دون أن تستخدم حق الفيتو. وفي كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥، صادقت فلسطين على نظام روما الاساسي و١٥ معاهدة أخرى. واصبحت رسمياً عضواً في المحكمة الجنائية الدولية. هذا إضافة الى مصادقة وانضمام فلسطين حتى الآن الى ما يقارب على ٤٤ معاهدة واتفاقية.

غير أن هذه التحركات لم تُستَغل على أكمل وجه، فهي أقرب الى أن تكون رمزيةٌ أكثر منها مؤثرة وفاعلة. حيث ان فلسطين مثلاً لم تستفد من امتيازات منظمة اليونيسكو بعد الانضمام الى عضويتها. فمنظمة التحرير وان كانت قد أقدمت على خطوات لمنع إسرائيل من إدراج مواقع تراثية فلسطينية في قائمتها الوطنية وإدراجها ضمن مواقع التراث العالمي كضم كنيسة المهد في بيت لحم ضمن لائحة التراث العالمي- رغم اعتراض الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل - إلا انه كان بامكانها، ولا يزال، أن توظِّفَ عضويتها في اليونيسكو لتأكيد سيادتها على أرضها وبحرها. كما بوسع فلسطين ايضاً أن تُلزم الدولَ الثالثة بمساءلة إسرائيل عن التزاماتها أمام المنظمة المذكورة، كون أن أحد بروتوكولات اليونيسكو التي وقعت عليها فلسطين ينص على المسؤولية الجنائية الفردية وعلى فرض عقوبات وفقًا لمبدأ الولاية القضائية العالمية.

الرأي الإستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية سنة ٢٠٠٤ بشأن جدار الفصل العنصري الإسرائيلي هو مثال آخر لاختيار الرمزية بدلاً من الإجراءات الملموسة والفعالة. حيث خلص الرأي الاستشاري إلى أن الجدار غير قانوني، وأن إسرائيلَ ملزَمةٌ بتقديم تعويضات عن جميع الأضرار التي تسببت فيها. وأكَّد أن المستوطنات تنتهك القانون الدولي، وأن غزةَ والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، هي أراضٍ محتلة. ولربما كان الاستنتاج الأبرز الذي خلصت إليه المحكمة هو أن جميع الدول ملزمةٌ بالإعتراف بعدم شرعية الوضع ووقف أي مساعدة مقدمة لإسرائيل تهدف الى إدامة الوضع القائم.

ورغم أن الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمةً قانونًا، فإن تأثير المحكمة يكمن في أنها تفسر القوانين. والدول المؤمِنة بسيادة القانون كدول الإتحاد الأوروبي تهتم بمثل هذا الرأي. فلو كانت منظمةُ التحرير راغبة حقًا في تحري السُبل القانونية اللازمة لإعمال الحقوق الفلسطينية، لكانت أحرص على متابعة هذا الرأي الإستشاري. فبوسعها أن توضِّح للدول الأوروبية وغير الأوروبية والفاعلين الآخرين بأن تعاملهم مع إسرائيل يشكل مخاطر قانونية واقتصادية على القواعد التشريعية لتلك الدول. ولكنها لم تفعل حتى الآن رغم الأهمية الكبيرة لهذا النوع من القرارات ولا سيما بالنسبة للإتحاد الأوروبي نظراً لسعيه للعمل ككيان يحكمه القانون.

لو وظَّفت منظمة التحرير الرأيَّ الاستشاري لمحكمة العدل الدولية قبل ١١عاماً لما تكاثر المستوطنون والمستوطنات غير القانونية بهذا المعدل الذي نراه اليوم. ولما كان للمنطقة (ج)، التي تمثل ٦٠ في المئة من مساحة الضفة الغربية والخاضعة لسيطرة إسرائيل، بموجب اتفاقات أوسلو الكارثية، لتفقدَ الكثير من سكانها الفلسطينيين بسبب الهجمات التي لم تسلم منها حتى المشاريع المدعومة من الإتحاد الأوروبي. ولما كانت القدس لتعيشَ الكابوس الذي تعيشه اليوم وتفقدَ سكانها باضطراد كما الآن بسبب السياسات الإسرائيلية.

أما بالنسبة لعضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية، والتي انضمت اليها أخيراً، فإن نظام المحكمة يتميز ببطء شديد لجهة اتخاذ القرارات، فإجراءات المحكمة قد تستغرق سنوات لفتح تحقيق، وأكثر من ذلك لإصدار لوائح إتهام. ومن المسائل التي قد تبطئ سيرَ العملية في الحالة الفلسطينية طبيعةُ الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني المسيًس جداً، ومحدودية الموارد المتاحة للمدعي العام، وعدم تعاون الدولة. فمن الصعب أن نتصورَ أن تقومَ إسرائيل بالتعاون الجاد مع المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب التي ترتكبها وفي بناء المستوطنات.

ولهذا السبب يُشكّك فلسطينيون كثيرون في التحركات الراهنة للسلطة الفلسطينية وفي قدرتها على جعل مشروع الدولة الفلسطينية حقيقةً واقعة. فالأدوات موجودة منذ زمن بعيد، وكل ما كان عليها فعله هو استخدامها لإحراز نتائج أفضل، ولكنها لم تفعل. فهي إمّا غير راغبة في الاستفادة الكاملة من الأدوات القانونية وغير القانونية المتاحة لها أو في تقليص تنسيقها الأمني مع إسرائيل، وإمّا غيرُ قادرةٍ على ذلك. فهي تعلم أن أي إجراءات حازمة ستُفضي إلى تداعيات أميركية وإسرائيلية قاسية مثل خفض المساعدات وتقييد حرية الفلسطينيين في التنقل والوصول المقيدة أصلاً.

ولكن هناك نشاط وجهود أخرى تُبذل لمحاسبة اسرائيل ويقودها المجتمع المدني وتتمثل في حركة المقاطعة (BDS) والتي تعتبر نموذجاً للقيادة. حيث تستند تلك الحركة الى النداء الذي أطلقه المجتمع المدني الفلسطيني سنة ٢٠٠٥ والذي يدعو الى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها والذي يعتبر الخطوة الأبرز التي شهدتها السنوات الأخيرة على صعيد محاسبة إسرائيل. وأُطلق هذا النداء بعد سنة من صدور قرار محكمة العدل الدولية بشأن الجدار وبسبب عدم اغتنام منظمة التحرير الفلسطينية الفرصة التي أتاحها القرار لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي.

ومع ذلك، وكما أن حدود قدرة السلطة الفلسطينية واضحة، فإن حدود قدرة المجتمع المدني الفلسطيني وحركة التضامن الدولية واضحةٌ أيضاً، ولكن لأسبابٍ مختلفة بالطبع. فلا توجد قيادة وطنية قادرة على الاستفادة من النجاحات التي تحققت في المجتمع المدني والبناء عليها، وهناك بالتأكيد حيز محدود للتعاون بين المجتمع المدني والسلطة الفلسطينية في مساعيهما المختلفة، ولأسباب عديدة، ممّا يحدُّ كثيراً من قدرة كل طرف على ترجمة تلك المساعي إلى نتائج سياسية ذات جدوى على الأرض.

وبينما يمضي المجتمع المدني وحركة التضامن الدولية قدماً، تخطو السلطة الفلسطينية بحذر شديد، خوفاً من ردود الفعل، فتقبل بأهون الأعمال مثل وضع علامات لتمييز منتجات المستوطنات بدلاً من أن تسعى لفرض عقوبات دولية ضد الاستعمار الإسرائيلي للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، والحصار المفروض على قطاع غزة. وعلاوةً على ذلك، فإن تفتت الجسم السياسي الفلسطيني لا يزال مستمراً. فقد تحدَّث عباس في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة عن عزمه الحفاظَ على وحدة الأرض والشعب ولكنه قال إنه لن يقبل بحلولٍ مؤقتة أو دولةٍ مجزأة. بل ان هناك مخاوف بأن منظمة التحرير وحزبها السياسي الرئيس، «فتح»، سيتفتتان أكثر بخروج عباس ومخاوف أخرى من قيام دولة بوليسية، أو بالأحرى دويلات بوليسية.

ولكن رغم أن صورة المشهد المستقبلي قاتمةٌ على المدى القصير، فإن المديين المتوسط والبعيد يبشران بموجةٍ قوية من النشاط في المجتمع المدني حول العالم. وسرعان ما سيظهر شكلٌ من أشكال القيادة الفلسطينية أكثرُ تمثيلاً لتطلعات الشعب الفلسطيني وحقوقه. وهذا ليس بعيد المنال كما قد يبدو، فهذه القيادة برزت إبان الانتفاضة الأولى. وثمة قيادة قائمة على استراتيجية رئيسية وفعالة برزت مع انطلاق نداء المقاطعة. وثمة قيادة أخرى أيضاً برزت على نحو غير متوقع هذا العام في أوساط الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل. وهكذا حينما تبرز قيادة وطنية فلسطينية، ستجد أن الأرضية باتت مهيأةً لقيادة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والعدالة والمساواة.

* كاتبة فلسطينية والمديرة العامة لـ «شبكة السياسات الفلسطينية»

مقالات
Viewing all 878 articles
Browse latest View live